يعد الاكتئاب الخريفي Autumnal depression، أو الاكتئاب الموسمي هو نوع من أنواع الاضطراب النفسي العاطفي، فيه تقل رغبة المرء على القيام بالمهام المطلوبة، وتتقلب أحواله المزاجية، نتيجة للتغيرات الجوية. إليك أبرز 10 علامات تدل على الإصابة به، وغيرها من المعلومات حوله.
ما المقصود بالاكتئاب الخريفي؟
حالة من الضيق وتقلب المزاج تحدث كل عام في نفس ذات الوقت، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بتغير فصول السنة الأربعة. في الغالب يبدأ الاضطراب النفسي العاطفي هذا مع حلول فصل الخريف، ويزداد سوءً في الشتاء، وينتهي في الربيع. يشعر الشخص فيه بتقلبات في الحالة النفسية، مع الشعور بالوحدة، والنفور من الأشياء التي كان يرغب فيها.
ما مدى انتشار الاكتئاب الموسمي؟
يعاني ما يقرب من نصف مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية من هذا الاضطراب النفسي العاطفي. يبدأ الاكتئاب الخريفي في الغالب مع بداية البلوغ، فقد أشارت مجموعة من الدراسات أن ثلاث أرباع المصابين بالاكتئاب الخريفي من النساء. في حين أن كبار السن هم أقل الفئات إصابةً بهذا الاضطراب. من الملاحظ أن الاكتئاب الخريفي أكثر انتشاراََ بين الأشخاص الغائمة، إما أبعد شمال أو جنوب خط الاستواء.
تاريخ الاكتئاب الموسمي
تم وصف الاكتئاب الخريفي لأول مرة من قبل العالم القوطي يوردانس (Goth scholar Jordanes) في القرن السادس في كتابه Getica. في دراسة أجريت على سكان سكاندينافيا (اسكندنافيا)، لكن استثنى من هذه الدراسة سكان أيسلندا. فقد وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2000 شخص أن انتشار ظاهرة الاكتئاب الخريفي منخفضة بشكل ملحوظ في كلا الجنسين في أيسلندا.
من المتوقع أن الميل للاضطرابات النفسية العاطفية SAD قد يرجع إلى الجينات الوراثية لدى سكان أيسلندا. كما أجريت دراسة على مجموعة من الكنديين من أصل أيسلندي بالكامل، فلوحظ انخفاض مستوى الإصابة بالاكتئاب الخريفي.
قد أُشير مؤخرًا إلى أن هذا قد يعود إلى تناول الأيسلنديين كميات كبيرة من الأسماك بالفطرة. كما لوحظ انخفاض مماثل في الإصابة بالاكتئاب الموسمي لدى سكان اليابان؛ نظراً لكمية الأسماك التي يتناولونها. يرجع السبب في قلة الإصابة بنوبات الاكتئاب الخرفي نظراً لاحتواء الأسماك على نسبة عالية من فيتامين د. كما تحتوي على حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA)، الذي يساعد في حل مشكلة الاختلالات العصبي.
أسباب الإصابة بالاكتئاب الخريفي
في الواقع السبب الحقيقي وراء هذا الاضطراب غير معروف علمياً، لكن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الاكتئاب الموسمي ينجم عن التغير في توافر أشعة الشمس. فقد يتسبب نقص التعرض لأشعة الشمس في توقف جزءً من الدماغ يسمى الوطاء (hypothalamus) عن العمل بشكل صحيح، مما قد يؤثر على:
- تنظيم الساعة البيولوجية (circadian rhythm):
حيث أشارت مجموعة من الأدلة إلى أن التعرض لأشعة الشمس يعمل على تنظيم الساعة البيولوجية، ومن ثم تنظيم الحالة المزاجية.
- إنتاج السيروتونين Serotonin:
يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب الخريفي من اضطراب في مستوى النواقل العصبية في الدماغ مثل السيروتونين (Serotonin). الهرمون المسئول عن تنظيم الحالة المزاجية، والشهية، والنوم. لذا يعتقد أن نقص التعرض لأشعة الشمس يقلل من مستوى هذا الناقل العصبي.
- إنتاج الميلاتونين melatonin:
يساعد هرمون الميلاتونين على الشعور بالنوم والخمول. لذا أشارت دراسات أن نقص التعرض لأشعة الشمس في فصلي الشتاء والخريف يحفز من إنتاج هذا الهرمون، ومن ثم الشعور بالاكتئاب الخريفي.
ما هي أعراض الإصابة بالاكتئاب الخريفي؟
يعاني الأشخاص المصابون بظاهرة الاضطراب النفسي العاطفي من عدة أعراض ومنها:
- القلق Anxiety.
- التهيج Irritability.
- التوتر.
- الحزن Sadness.
- عدم الاهتمام بالأنشطة المعتادة.
- الشعور بالإرهاق.
- نقص الطاقة.
- زيادة الرغبة في النوم.
- الشعور بالكسل والخمول.
- زيادة الرغبة بتناول الكربوهيدرات، مما يترتب عنها زيادة الوزن.
عوامل خطر الإصابة بالاكتئاب الموسمي؟
- العوامل الوراثية.
من الممكن أن ينتقل هذا المرض عن طريق الجينات، فغالباً ما يكون هناك طرف عائلي مشترك في الموضوع.
- الإصابة بمرض اضطراب المزاج ثنائي القطب.
- الإقامة في مناطق القطبين بعيداً عن أشعة الشمس تزيد من فرص الاصابة بالاكتئاب الخريفي.
كيف يمكن علاج الاكتئاب الخريفي؟
- تغيير نمط الحياة، مع الحصول على أكبر قدر ممكن من أشعة الشمس الصحية، بعيداً عن وقت الظهيرة.
- شارك معاناتك مع أقارب أو أحد أصدقاءك المقربين:
- لا شك أن الحديث مع الآخرين يجعلك تشعر بنوع من الارتياح، فضلاً على أنهم سيصبحون أكثر تعرفاً على حالتك المزاجية.
- حاول أن تكون البيئة حولك في المنزل مفعمة بالألوان المبهجة، وذلك لتعويض النقص في ألوان الطبيعة.
- ممارسة التمارين باستمرار، والالتزام باليوجا بهدف تصفية الدماغ.
- محاولة التغلب على نوبات التوتر والقلق.
- تناول الأدوية المضادة للاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين (SSRIs).
كما هناك بعض الأساليب المتبعة في علاج الاكتئاب الخريفي ومنها:
العلاج بالضوء (Light Therapy)
حيث يتعرض الشخص المصاب لمصباح خاص بالضوء محاكاة لأشعة الشمس، قرابة من 30 إلى 45 دقيقة. تحتوي صناديق الضوء (Lightbox) هذه على فلاتر تعمل على فلترة الأشعة فوق البنفسجية، لذا ليس هناك داعي من القلق من التعرض لتلف الجلد أو العين.
حالات لا يجوز معها استخدام الضوء لعلاج الاكتئاب الخريفي
- إذا كنت تعاني من حساسية أو التهابات في العين.
- إذا كنت تتناول أدوية تزيد من فرصة الحساسية لأشعة الضوء مثل:
- بعض المضادات الحيوية.
- مضادات الذهان.
- بعض المكملات العشبية مثل St John s Wort.
الآثار الجانبية للعلاج بالضوء
من الممكن أن يصيب التعرض للضوء لفترات طويلة مجموعة من الأعراض التالية:
- الصداع headaches.
- إجهاد العين eye strain.
- التهيج irritability.
- عدم وضوح الرؤية blurred vision.
لكن في الغالب سرعان ما تزول تلك الأعراض، لكن من باب أولى سرعة التوجه إلى الطبيب المعالج إذا كانت الأعراض مزعجة ولا يمكن تحملها أثناء العلاج بالضوء.
استخدام العلاجات الحديثة مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
والذي يشير إلى أن طريقة التفكير والتصرف تؤثر على مشاعرنا، ومن ثم تغيير طريقة التفكير في المواقف وما تفعله وقتها من الممكن أن يساعد على تحسن الشعور، والتخلص من الاكتئاب الخريفي. يتم ذلك من خلال عدد من الجلسات مع معالج الطبيب المختص، على مدار عدة أسابيع أو شهور. من بين البرامج المستخدمة في العلاج التالي:
- برنامج فردي للمساعدة الذاتية ( individual programme of self-help)
- وهو برنامج مصمم لك ولشريك (إذا كنت تعاني من اكتئاب يؤثر على العلاقة بينكما)
- برنامج جماعي تكمله مع أشخاص آخرين في وضع مماثل.
- برنامج CBT قائم على الكمبيوتر مصمم خصيصاً لتدعيم نفسياً وعاطفياً.
كيفية الوقاية من الاكتئاب الموسمي؟
- تناول نظامًا غذائيًا متوازنًا؛ لأنه سيساعدك هذا في الحصول على المزيد من الطاقة، حتى لو كانت لديك رغبة في تناول النشويات.
- اقض بعض الوقت خارج المنزل كل يوم، حتى ولو كان الجو غائمًا، وذلك للاستفادة من أشعة الشمس، بهدف التغلب على نوبات الاكتئاب الخريفي.
- تمرن لمدة 30 دقيقة في اليوم، أي حوالي خمس مرات في الأسبوع.
لا تتردد إذا كنت تعاني من الاكتئاب الخريفي Autumnal Depression في أن تخبر أحد أصدقائك المقربين، وحاول أن تمارس الرياضة باتنظام، وتتناول الأطعمة الغذائية المتكاملة.