قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي ، (Antarctica South Pole Continent). تعرف أيضاً باسم صحراء القطب الجنوبي، وأحياناً تعرف بأنتاركتيكا القارة القطبية الجنوبية المتجمدة، وهي تقع في أقصى جنوب الكرة الأرضية. تعد قارة أركتيك المتجمدة (Arctic)، أو أنتاركتيك (Antarctic)، أبرد أصقاع الأرض. وهي خامس أكبر قارة في المساحة. فما أسرار استكشاف القارة أنتاركتيكا؟ قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي؟
قارة أذهلت العلماء والفلاسفة والعالم بأسرارها، وحيرت مخيلاتهم. كانت انتاركتيكا قارة بعيدة مجهولة تسكن خيال الفلاسفة والعلماء القدماء، ينسجون حولها الكثير من القصص والفرضيات والروايات، بل بعضهم كان يعتنق فكرة وجودها، لكن كل هذا كان دونما إثبات في زمنهم.
يُقال أن أول من تحدث عن القارة القطبية الجنوبية المتجمدة، وأصر على وجودها هم اليونانيين، ومن هنا ابتدأ أول ظهور لاسم قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي المتجمد. فهم كانوا على قناعة بأن الأرض تأخذ شكل كرة متناظرة، وبالتالي لابد من وجود نقطة توازن على الطرف الثاني من خط الاستواء، بحيث تكون تلك النقطة مناظرة للقارة القطبية الشمالية.
لقد أطلق اليونانيين عليها بلغتهم اسماً مركباً (ἀνταρκτική) يعني (عكس المنطقة القطبية الشمالية)، أو (مقابل المنطقة القطبية الشمالية). هذا وإن تلك الكلمة المركبة في جزئها الأول (أينتا) تعني المقابل أو العكس، أما الجزء الثاني (تاركتيكا) فهي تعني الدب، في إشارة إلى مجموعة نجوم الدب الأكبر في القطب الشمالي، وبذلك كانوا يشيرون إلى إنها القارة المقابلة أو المناظرة للقطب الشمالي، في الطرف الثاني من الكرة الأرضية.
هذا وإن العالم اليوناني (بطليموس)، كان شديد التعصب والحماس لفكرة وجود انتاركتيكا، لدرجه القناعة أن هذه الأرض البعيدة مسكونة، وفيها زراعات وحياة كاملة، إنما بقيت معزولة وبعيدة عن البشر والوصول إليها، بسبب أنها محمية بسلسلة جبال شديدة الخطر، صعبة الاختراق، وتلك السلسلة من الجبال تحميها وتعزلها، بل وكان مصراً أن تلك الجبال يسكنها الوحوش التي كانت هي سبب عدم قدرة الناس الوصول لعمق القارة المنشودة.
تاريخ قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي الجيولوجي
فيما مضى كانت المناطق في العالم عبارة عن كتلة واحدة، وكانت جزءاً من قارة ضخمة تدعى (قارة غندوانا العظمى). ومع الزمن تعرضت تلك الكتلة بالكامل للانكسارات، بواسطة عوامل الجيولوجيا أسفل باطن بنية القشرة الأرضية، لتتباعد ببطء على مر الزمن على شكل كتل، وتكون فيما بعد القارات التي نعرفها اليوم. وبحسب ما تظهر أبحاث الدراسات العلمية على القشرة الأرضية. حيث كانت أنتاركتيكا جزء من كتلة انفصل عنها:-
الهند.
أفريقيا.
امريكا الجنوبية.
أيضاً استراليا.
تشكل قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي
منذ تقريبًا حوالي [140] مليون سنة، ابتدأت بنية الأرض بالانكسار في قشرتها، آخذه في الانفصال والابتعاد عن بعضها البعض، حتى انفصلت بالكامل لتشكل قارة قطبية تقع في أقصى الجنوب من الأرض، المعروفة اليوم باسم قارة أنتاركتيكا المتجمدة، بينما باقي الانكسارات شكلت القارات الباقية الموجودة والمعروفة اليوم.
إن من أكثر عجائب مزاجية كوكبنا الأرضي أن القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا من المناطق التي لم تكن فيما سبق مغطاة بطبقة من الجليد بشكل كامل، وأن معظمها عبارة عن يابسة. هذا ولقد عثر العلماء فيها على بقايا مستحاثات، ديناصورات، وأحافير أشجار، وثدييات. والكثير من الكائنات الحية التي تدل عل وجود حياة حقيقية منذ عدة ملايين من السنوات.
فالطبقة الجليدية والأنهار الجليدية بدأت تتكون فيها منذ حوالي [30] مليون سنة فقط، ومن ثم بدأت تزحف لتغطي القارة الجنوبية بأكملها.
على الرغم من أن الدراسات على العصر الجليدي، والتي تقول أن أنشطة الجليد انتهت، وانتهى ذاك العصر الجليدي فيها منذ زمن قريب. تقريبًا منذ حوالي بضعة آلاف سنة، لكنها لا زالت مغطاة بالجليد حتى هذه الأيام. لذلك علينا أن نعرف أن ما يسمى قارة انتاركتيكا القطب الجنوبي، هي أكثر بكثير من مجرد وصفها كتلة من الجليد.
اكتشاف قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي
لا زالت قارة انتاركتيكا الغامضة قيد الاكتشاف! ولا زالت البعثات تذهب وتأتي إليها، في رحلات علمية مكوكية في محاولة اكتشاف أسرارها الغامضة.
سنوضح بعض أشهر البعثات والرحلات منذ بدء اكتشافها وحتى اليوم هي:-
استكشاف قارة انتاركتيكا خلال القرن [18]
ألمح الكابتن كوك في رحلته البحرية الثانية عام 1775م، أنه من المحتمل أن تلك القارة الأسطورية التي تحدث عنها اليونانيين وأصروا على وجودها، هي فعلاً موجودة. وليست هي بمحض خيال القدماء. وكتب في مذكراته (أنا أؤمن بوجودها إيماناً راسخاً، ومن المحتمل جداً أننا رأينا جزءاً منها).
استمرت محاولات الوصول إلى القارة الغامضة، وفي عام 1773م، وعام 1774م استطاعت سفينتا الكابتن جيمس كوك، وهما (إتش إم إس ريزولوشن)، و (إتش إم إس أدفنشر)، من عبور دائرة القطب الجنوبي ثلاثة مرات. ووصلتا إلى نقطة عند شواطئ القارة، بمسافة قُدرت بحوالي [120 كيلو متر]، أي ما يعادل [75 ميل]، لتتراجع في النهاية بسبب الجليد.
في 1820م، استطاعت السفن الثلاث، بقيادة القبطان الروسي فابيان غوتليب فون بيلينغسهاوزن، والقبطان البريطاني إدوارد برانزفيلد، وأيضاً القبطان الأمريكي ناثانيل بالمر وهو صائد فقمات، رصد القارة الجنوبية ورؤية جرفها الجليدي أخيراً.
من ثم وصلت أول رحلة استكشافية روسية، بقيادة القبطان بيلينغسهاوزن، والقبطان ميخائيل لازاريف. حيث استطاعت بلوغ أقصى مكان، وكان يبعد عن جرف القارة بحدود [32 كيلو متر]، ما يعادل [20 ميل]. وأصبح فيما بعد يعرف هذا الجرف بجرف فيمبول الجليدي.
إنما يُعتقد أن أول من استطاع الوصول إلى انتاركتيكا، والمسير على جليدها هو صائد الفقمات الأمريكي جون ديفيس، في خليج (هيوز) القطبي. وذلك عام 1821م. ولكن هناك الكثير من المؤرخين المشككين في هذا الكلام.
يعد ذلك توالت الرحلات الاستكشافية المختلفة من جميع الدول.
في 22 يناير 1840م، استطاعت بعثة جول دومون دو أورفيل الفرنسية الاستكشافية، التقدم في أرض انتاركتيكا حوالي [4 كيلو متر]، وأخذت عينات من المعادن، والطحالب، والحيوانات.
استطاع المستكشف جيمس كلارك روس، الوصول إلى منطقة متقدمة في عام 1841م، ويكتشف جزيرة جديدة. أطلق عليها فيما بعد اسم جزيرة روس، وسمي البحر أمامها بحر روس، كما وسمي الجدار الجليدي الضخم باسمه أيضاً، جرف روس. بالإضافة إلى ذلك تم تسميه جبل إريباص وجبل تيرور على اسم سفنه التي كان يقودها.
استكشاف قارة أركتيك المتجمدة خلال القرن [19]
في عام 1903م، اكتشفت البعثة الاستكشافية البريطانية، المشهورة باسم (النمرود)، هضبة عملاقة على شكل جبل عظيم، وهي تحيط بانتاركتيكا. من ثم وصلت هذه البعثة إلى مضيق حبال (مورو)، لتعود أدراجها بعد وصولها إلى [180كم] في عمق أنتاركتيكا.
في عام 1911م، استطاعت البعثة النرويجية الوصول إلى هضبة القارة القطبية الجنوبية أخيراً، بقيادة النرويجي روال أموندسن.
بعده بحوالي شهر وصلت البعثة البريطانية، (بعثة القبطان سكوت). إلا أن القبطان سكوت وأفراد البعثة، لم يستطيعوا الصمود في طريق عودتهم ولقوا حتفهم جميعاً.
في ثلاثينيات وأيضاً أربعينيات القرن الماضي، استطاع ريتشارد إيفيلين بيرد، قيادة عدة رحلات جوية إلى القارة القطبية الجنوبية انتاركتيكا. وإليه ينسب الفضل في النقل البري الآلي إلى تلك القارة، والقيام بأبحاث جيولوجية. هذا وفي رحلات طيرانه، قال أنه رأى أراضِ خضراء تشبه نيوزلندا في المناخ.
أول امرأة داست قدمها القارة القطبية، هي كارولين ميكلسن، التي وصلت إلى جزيرة في أنتاركتيكا، وذلك عام 1935م.
أما إنغريد كريستنسن، فلقد وصلت البر الرئيسي، في عام 1937م.
في عام 1956م هبطت بنجاح طائرة الأدميرال الأمريكي جورج جيه.
كان المستكشف النرويجي بورغ أوسلاند، أول شخص يعبر القارة الجنوبية، وبمفرده، من طرف ساحل انتاركتيكا، إلى الطرف الآخر من الساحل. وبهذا حمل المستكشف أوسلاند، الرقم القياسي في أسرع رحلة، دون دعم إلى القطب الجنوبي، حيث استغرقت [34] يوماً فقط.
أما أول هبوط على تلك القارة، بشكل مسجل وموثق، كان عام 1895م، في كيب أدير. وهو من نصيب سفينة صيد حيتان اسمها (أنتاركتيا)، وهي سفينة نروجية سويدية.
ولا زالت إلى اليوم لم تتوقف البعثات، عن محاولات استكشاف أنتاركتيكا وأسرارها. خاصة أن اكتشاف تلك القارة كان من أصعب الاكتشافات، فهو كلف الكثير من الأرواح. حيث أن الكثير من الرحلات البحرية، مات بحارتها في طريق الرحلة إليها، أو طريق العودة. أو ربما فيها هي نفسها، بسبب نقص الإمدادات، وبسبب البرودة الشديدة.
الواقع الجغرافي لقارة أنتاركتيكا
قارة قارة أركتيك المتجمدة كبيرة لدرجة هي القارة الخامسة من حيث الحجم في الأرض. تقدر مساحة القارة الجنوبية القطبية المتجمدة حوالي [14.4] كيلو متر مربع. ويحيط بقارة انتاركتيكا من كل الجهات:-
جنوب المحيط الهندي.
وجنوب الأطلسي.
وكذلك المحيط الهادئ.
مناخ قارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي
إن القارة أركتيك المتجمدة على الرغم من أنها أبرد قارات الأرض، وهي تعتبر منطقة جليدية بالكامل، حيث أن الغطاء الجليدي يغمر جميع أنحاء مساحتها تقريباً، وعلى طول أيام السنة، إلا مصنفة علمياً بالصحراء، توصف بالصحراء القطبية المتجمدة! وذلك بسبب ندرة الأمطار، والثلوج فيها.
أما درجات الحرارة فيها فهي صيفاً تقريباً [-30°] درجة مئوية تحت الصفر، من ثم ليصدمك الشتاء، بدرجات حرارة مرعبة فهي [-89.8°] درجة مئوية تحت الصفر، وقد تصل أحياناً إلى [93°] درجة مئوية تحت الصفر.
علامات الحياة دون الصفر في انتاركتيكا
بالكاد هناك علامات حياة في القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا، حيث لا تجد فيها إلا القليل من الطحالب والأشنيات.
أما علامات الحياة الطبيعية، سواء من بشر أو حيوانات أو أسماك:
حتى اليوم، لا دليل ملموس لوجود سكان أصليين دائمين أبداً. إنما يوجد بعثات علمية مؤقتة، فهي قارة تثير فضول العلماء والباحثين.
إن قارة أركتيك المتجمدة غنية جداً بأشكال حياة تخصها وحدها فقط. حيث يوجد أعداد كبير من البطاريق، واللافقاريات، والحيتان كالحوت الأزرق الشهير، والأسماك ذات الدم البارد.
في الختام، قد تتساءل هل حقاً تستحق القارة أنتاركتيكا القطب الجنوبي كل هذه الرحل الاستكشافية التي حصدت الكثير من الأرواح، وهي مجرد قارة باردة متجمدة متجلدة؟! في الواقع إن قارة أنتاركتيكا تمتلك من الغنى والأسرار ما جعلها منطقة عسكرية محرمة. وما استقطب اهتمام وكالة ناسا، فكانت القارة القطبية المتجمدة أنتاركتيكا جزء من دراساتهم وميزانيتهم.