تعد مشكلة عمالة الأطفال أحد المشكلات المزمنة التي تعاني منها الدول النامية. حيث أن استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة يعد نوعاً من انتهاك اتفاقية حقوق الطفل، وتسعى منظمة اليونيسيف في تقديم حلول لمشكلة عمالة الأطفال من أجل الحد منها.
تعريف عمالة الأطفال
تعرف اتفاقية حقوق الطفل الخاصة بمنظمة اليونيسيف مصطلح عمالة الأطفال على أنه عمل يحرم الأطفال من طفولتهم ومن إمكاناتهم وكرامتهم، ويضر بنموهم البدني والعقلي. كما يؤدي هذا العمل إلى أضرار عقلية أو جسدية أو اجتماعي أو أخلاقية للأطفال.
يعد حرمان الأطفال من الحصول على تعليمهم عن طريق إجبارهم على ترك المدرسة قبل الأوان، أو مطالبتهم بمحاولة الجمع بين الحضور إلى المدرسة والعمل الشاق المفرط تعد نوعاً من عمالة الأطفال.
لا يجب تصنيف جميع الأعمال التي يقوم بها الأطفال على أنها عمالة أطفال. حيث تعد مشاركة الأطفال أو المراهقين في العمل الذي لا يؤثر على صحتهم ونموهم الشخصي أو يتعارض مع تعليمهم أمراً إيجابياً. يشتمل هذا العمل مساعدة والديهم في الأمور المنزلية، أو الأعمال التجارية العائلية، أو كسب مصروف الجيب خارج ساعات الدراسة وأثناء العطلات المدرسية. تساهم هذه الأنواع من الأنشطة في نمو الأطفال وتزويدهم بالمهارات والخبرة، كما تساعد في إعدادهم ليكونوا أعضاء منتجين في المجتمع خلال حياتهم البالغة.
أين توجد عمالة الأطفال
على الرغم من محاولة العديد من دول العالم تطبيق القوانين التي تعمل على الحد من عمالة الأطفال إلا أن هناك الكثير من دول العالم لازالت تستغل الأطفال في الأعمال الشاقة.
طبقاً لتقرير منظمة اليونيسيف الخاص باتفاقية حقوق الطفل فإن عمالة الأطفال تنتشر بصورة كبيرة جداً في البلدان النامية، حيث لا يزال ملايين الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن سبع سنوات يكدحون في المحاجر والمناجم والمصانع والحقول ومؤسسات الخدمات. إنهم يشكلون أكثر من 10 في المائة من القوة العاملة في بعض بلدان الشرق الأوسط ومن 2 إلى 10 في المائة في معظم أمريكا اللاتينية وبعض أجزاء آسيا.
أنواع عمالة الأطفال
هناك العديد من أنواع عمالة الأطفال، ومنها على سبيل المثال:
العمل في الشوارع
يمكن أن يكون العمل في الشوارع قاسياً وخطيراً على الأطفال. مما يعرض نموهم الجسدي والنفسي والاجتماعي للخطر. يكافح معظم هؤلاء الأطفال في الشارع من أجل بقائهم أو بقاء أسرهم. إنهم يلمعون الأحذية، ويغسلون السيارات ويحرسونها، ويحملون الأمتعة، ويوزعون الزهور والحلي من كل نوع يمكن تخيله، ويجمعون القمامة القابلة لإعادة التدوير، ويجدون آلاف الطرق المبتكرة الأخرى لكسب القليل من المال.
العمل في الزراعة
أكثر أنواع عمالة الأطفال شيوعاً هو العمل الزراعي أو العمل المنزلي للأسرة. في حين أن الأطفال يمكن أن يستفيدوا من مستوى معقول من المشاركة في الأعمال والأنشطة المنزلية ويستمدون إحساساً بالقيمة الذاتية من عملهم نيابة عن عائلاتهم، فغالباً ما يتطلب الأمر منهم العمل لساعات طويلة بشكل مفرط ما يبعدهم عن المدرسة ويمكن أن يكون له تأثير كبير على أجسامهم النامية.
الخدمات المنزلية
تقوم الفتيات بمعظم العمل الخاص بالخدمات المنزلية. كما تواجه مخاطر إضافية خاصة بهن منها على سبيل المثال الضغوط الجنسية من أصحاب العمل.
عمالة الأطفال الخطرة
إن عمالة الأطفال الخطرة هي العمل في ظروف خطرة أو غير صحية يمكن أن تؤدي إلى مقتل الطفل أو جرحه أو إصابته بالمرض نتيجة لسوء معايير السلامة والصحة وترتيبات العمل. كما يمكن أن يؤدي العمل الخطير للأطفال إلى إعاقة دائمة واعتلال الصحة والضرر النفسي.
تعتبر عمالة الأطفال الخطرة أسوأ أشكال عمل الأطفال. حيث يعمل ما يقدر بنحو 73 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاماً في ظروف خطرة. بما في ذلك الزراعة والتعدين والبناء والتصنيع، وكذلك في الفنادق والحانات والمطاعم والأسواق والخدمات المنزلية.
تقدر منظمة العمل الدولية أن حوالي 22000 طفل يموتون في العمل كل عام، ولا يُعرف عدد المصابين أو المرضي بسبب عملهم. هذا الموت المبكر يأتي نتيجة أن أجسادهم وعقولهم لا تزال تتطور. لذا فهم أكثر عرضة من البالغين للمخاطر في مكان العمل.
أسوأ أشكال عمالة الأطفال الخطرة
في حين أن عمل الأطفال يتخذ أشكالاً مختلفة، فإن الأولوية هي القضاء دون تأخير على أسوأ أشكال عمل الأطفال على النحو المحدد في اتفاقية حقوق الطفل، ومن هذه الأشكال:
- استغلال الأطفال في العمل بالدعارة أو إنتاج مواد إباحية.
- استخدام الأطفال في أنشطة غير مشروعة مثل تجارة المخدرات.
- العمل الذي يعرض الأطفال للاعتداء الجسدي أو النفسي أو الجنسي.
- استغلال الأطفال في العمل تحت الأرض أو تحت الماء أو على ارتفاعات خطرة أو في الأماكن الضيقة.
- العمل مع الآلات والمعدات والأدوات الخطرة، أو التي تنطوي على المناولة اليدوية أو نقل الأحمال الثقيلة.
- استخدام الأطفال في العمل داخل بيئة غير صحية يتعرض فيها الأطفال لمواد كيميائية أو درجات حرارة عالية أو مستويات عالية من الضوضاء مما تضر بصحتهم.
- العمل في ظل ظروف صعبة بشكل خاص مثل العمل لساعات طويلة أو أثناء الليل أو العمل حيث يكون الطفل محبوساً بشكل غير معقول في مقر صاحب العمل.
حلول لمشكلة عمالة الأطفال
تقدم منظمة اليونيسيف العديد من حلول لمشكلة عمالة الأطفال. لكن تتحمل الحكومات المسؤولية الأساسية عن معالجة هذه المشكلة، وبما أن أسباب عمل الأطفال معقدة وتشمل الفقر والاستغلال الاقتصادي والقيم الاجتماعية والظروف الثقافية، يجب أن تكون الحلول شاملة ويجب أن تشمل أوسع نطاق ممكن من الشركاء في كل مجتمع. ومن هذه الحلول:
يجب عدم التسامح مع الأشكال الخطيرة والاستغلالية لعمل الأطفال، بما في ذلك السخرة والاستغلال الجنسي التجاري والعمل الذي يعيق نمو الطفل الجسدي أو الاجتماعي أو المعرفي أو العاطفي أو الأخلاقي، ويجب على الحكومات اتخاذ خطوات فورية لإنهائها.
يجب جعل التعليم الابتدائي شاملاً وإلزامياً. حيث من الضروري إنشاء مدارس جيدة في جميع أنحاء العالم مع برامج من شأنها جذب الأطفال إلى المدرسة وتقليل معدلات التسرب. كما يجب أن تتمتع أنظمة التعليم بمهارات مفيدة للأطفال وأن تكون أكثر مرونة.
يجب كذلك رفع جودة ومكانة المعلمين وخفض فاتورة المدرسة للأسرة، وإزالة تكاليف الكتب واللوازم والزي الرسمي والنقل والتكاليف الأخرى التي تؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء.
إن من الوسائل الحيوية لمنع عمالة الأطفال الخطرة، تمكين الأسر الفقيرة وتزويدها ببدائل اقتصادية عن عمالة الأطفال. وهذا الأمر مسؤولية الحكومات في كل دول العالم اذا كانت لديهم الرغبة في الحفاظ على الأطفال، فيجب عليها إعانة الأسر الفقيرة حيث لا تلجأ في النهاية إلى تشغيل أطفالهم.
يجب على الحكومات تسجيل جميع الأطفال عند الولادة. فالتسجيل ضروري للسماح بممارسة حقوق الطفل، مثل الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات، وكذلك لتزويد أصحاب العمل ومفتشي العمل بدليل على عمر كل طفل.
إن عمالة الأطفال تعد اخطر المشكلات المزمنة في جميع أنحاء العالم. لذا لابد من تكاتف الجميع أفراداً وحكومات من أجل القضاء على هذه المشكلة المزمنة.