فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، كانت ابنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وزوجته خديجة، كانت تتمتع بالخلق الحميد والدين القوي، وكانت تعتبر سيدة نساء المؤمنين في زمانها، وقد أشار -عليه الصلاة والسلام- إلى هذا الشرف العظيم الذي حصلت عليه وقال لها: “ألَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ”.
ولادتها
وفقًا لتاريخ ولادةفاطمة الزهراء، هناك آراء مختلفة، ويقال إنها ولدت عندما كان عمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أربعة وأربعين سنة، وهناك من يروي أنها ولدت في العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة، وكان عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الوقت خمسة وثلاثين عامًا، وتقول بعض الروايات إنها ولدت قبل بعثة النبوة بخمس سنوات، وفاطمة الزهراء كانت أصغر بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت من أحب الناس إليه وأقربهم إلى قلبه.
لقب الزّهراء
اشتُهِرَت فاطمة بلقب “الزهراء”، يُقَالُ إنَّ السبب وراء هذا اللقب هو أن وجهها كان مُضِيئًا ومُشْرِقًا مثل وجه والدها -عليه الصلاة والسلام-، ولكن لم يُثَبَّتْ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أطلق هذا اللقب عليها، بل أُطلِقَ هذا اللقب عليها في كتب العلماء مثل: ابن حبان البستي، والخطيب البغدادي، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر، وغيرهم، وانتشر هذا اللقب واعتُمِدَ عند جميع المسلمين.
مواقف الدّفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام
تجاوزت فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- التحديات والأذى الذي تعرض له والدها -صلى الله عليه وسلم- في مكة، حيث كانت تقف بجانبه وتحميه من الأذى، ففي حادثة صحيحة وردت في رواية عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، تروي قصة حينما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ساجدًا وحوله بعض قريش، فجاء عُقبة بن أبي معيط بكرش الجزور وقذفه على ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه لم يرفع رأسه، فحضرت فاطمة -عليها السلام- وأزالته عن ظهر والدها ودعت على من اعتدى بهذا الشكل.
وفي غزوة أُحد، عندما تعرض النبي -صلى الله عليه وسلم- للجرح، أسرعت فاطمة الزهراء لتساعده وتعالج جروحه بمساعدة زوجها علي -رضي الله عنه-. وكان وجهه مجروحًا ورباعيته تعرضت للكسر، وفي حديث صحيح عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، ذُكر أن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت تقوم بتغسيل والدها وعلي بن أبي طالب يصب الماء عليه، وعندما لاحظت أن الماء يزيد من نزف الدم، قطعت قطعة من حصير وأحرقتها ووضعتها على الجرح، مما أدى إلى توقف النزيف ولكن رباعيته تعرضت للكسر في ذلك اليوم ووجهه أصيب.
وفاتها
لمّا حانت ساعة وفاة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها-، أوصت أسماء بنت عميس بأن تقوم بتغسيل جثمانها، وقامت هي وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- بأداء هذه المهمة، وقد وافتها المنية في ليلة الثلاثاء في الثالث من رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة، وقيل أنها لم تضحك منذ وفاة والدها -عليه الصلاة والسلام- بسبب حزنها الشديد واشتياقها له، وعاشت بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمدة ستة أشهر.