-

الجذور الحرة؛ تعرف إلى الأنواع والأسباب وخطورتها وطرق تخفيضها

الجذور الحرة؛ تعرف إلى الأنواع والأسباب وخطورتها وطرق تخفيضها
(اخر تعديل 2024-09-09 15:29:20 )
بواسطة

الجذور الحرة، أو الشوارد الحرة، كثيرًا ما يتوارد هذا المصطلح، خاصة في مجال الصحة، والإجراءات الواجب اتباعها للتمتع بجسد سليم خال من الأمراض، حيث لتاثيرات الجذور الحرة دور بالغ الأهمية في هذا المجال. فما ماهيتها، تعرف إلى الأنواع والأسباب وخطورتها وطرق تخفيضها.

ما هي الجذور الحرة؟

هي ذرات غير مستقرة تسبب التلف للخلايا، والبروتينات، والحمض النووي DNA. والخلايا الحرة (free radical) هي التركات أو النتائج الطبيعية للعمليات الكيميائية، مثل عملية الأيض. يصفها الخبراء بأنها نفايات التفاعلات الكيميائية المتنوعة في الخلية، والتي تسبب الضرر للجسم عندما تتراكم. ورغم ذلك، فإن هذه الجذور ضرورية للحياة، حيث تعتمد قدرة الجسم لتحويل الهواء والطعام إلى طاقة كيميائية على تفاعل الخلايا الحرة المتسلسل. كما تشكل جزءًا حاسمًا من النظام المناعي، حيث تطفو في الأوردة، وتهاجم الغزاة الأجانب.

آلية تشكل الجذور الحرة

تشكل الجذور الحرة
أسباب تشكل الجذور الحرة

بالرغم من أنها مسؤولة عن التغييرات الشكلية المتعلقة بالعمر، مثل التجاعيد، والشيب، فإن فهمها يتطلب معرفة جيدة في الكيمياء:

تكون الذرات محاطة بالإلكترونات التي تدور حولها في مستويات طاقة، يطلق عليها اسم أصداف shells. تحتاج كل صدفة إلى الامتلاء بمجموعة من الإلكترونات. عندما تكتمل الصدفة، تبدأ الإلكترونات بملء الصدفة التالية.

عندما تملك الذرة صدفة خارجية غير ممتلئة، فإنها قد ترتبط مع ذرة أخرى، عن طريق استخدام الالكترونات بهدف إكمال صدفتها الخارجية. تعرف هذه الأنواع من الذرات باسم “الجذور الحرة أو الخلايا الحرة”.

تستقر الذرات عند امتلاء صدفتها الخارجية. لكن الجذور الحرة غير مستقرة، لذلك، وفي أثناء سعيها لتعويض الالكترونات الناقصة في صدفتها الخارجية، فإنها تتفاعل بسرعة مع المواد الأخرى.

عند انقسام جزيئات الأكسجين إلى ذرات وحيدة، تمتلك الكترونات غير زوجية، تتحول إلى خلايا حرة غير مستقرة، تسعى للارتباط بالذرات أو الجزيئات الأخرى. في حال استمرار حدوث ذلك، تبدأ عملية ما يسمى بالإجهاد التأكسدي “oxidative stress”، الذي يمكن أن يدمر خلايا الجسم، ويقود إلى الإصابة بمجموعة كبيرة من الأمراض، ويسبب ظهور أعراض التقدم بالعمر، مثل التجاعيد.

خطر الجذور الحرة

كما ذكرت جامعة Rice، فإن الشوارد الحرة عندما تتشكل، تحدث تفاعلًا متسلسلًا. تسحب الخلية الحرة الأولى المتشكلة إلكترونًا من أحد الجزيئات، ما يزعزع استقراره، ويحوّله إلى خلية حرة. بعدها يسرق هذا الجزيء إلكترونًا من جزيء آخر ويزعزع استقراره ويحوله إلى خلية حرة… إلخ، وهكذا، يخرْب تأثير الدومينو هذا الخلية بكاملها ويتلفها.

يؤدي التفاعل المتسلسل للشوارد الحرة إلى إضعاف وتحطيم أغشية الخلايا، الأمر الذي يؤدي لتغيير ما يدخل إلى الخلية، وما يخرج منها تبعًا لـ Harvard School of Public Health. كما يغير هذا التفاعل من بنية الدهون، ويجعلها أكثر ميلًا للانحباس داخل الشريان. قد تتحور الجزيئات التالفة وتنمو الأورام. أو يغير الضرر المتتالي في شيفرة الحمض النووي.

الأمراض المرتبطة بالجذور الحرة

ترتبط الجذور الحرة ببعض الأمراض، مثل:

  • السرطانات
  • الزهايمر
  • تصلب الشرايين
  • مرض باركنسون، وغيره.
  • تتعلق بالشيخوخة، التي تُعرّف بأنها تراكم تدريجي لضرر الخلايا الحرة.

أسباب تشكل الجذور الحرة

تتشكل الشوارد الحرة بعدة طرق مختلفة، منها الطبيعي، وغير الطبيعي:

عملية الأيض الطبيعية في الجسم

تنتج أجسامنا غالبًا الجذور الحرة في عملية تفكيك المواد الغذائية، لتحويلها إلى الطاقة التي تسمح لأجسامنا بتأدية وظائفها. ويعتبر إنتاجها من عملية الأيض العادية واحدة من أسباب زيادة خطر الإصابة بالسرطان مع التقدم بالعمر، حتى لو سعى الأشخاص للتعرض بشكل أقل للمواد المسرطنة.

التعرض للمواد المسرطنة في البيئة المحيطة

يسبب التعرض للمواد المسببة للسرطان في البيئة المحيطة إنتاج الجذور الحرة. ومن أمثلة هذه المواد:

  • التدخين.
  • الأشعة فوق البنفسجية.
  • المواد والكيميائيات الموجودة في البيئة، والناشئة أيضًا كالأسبستوس، وكلوريد الفينيل.
  • بعض الفيروسات.
  • الإشعاعات الطبية.
  • الأطعمة المقلية.
  • تلوث الهواء.

أنواع الجذور الحرة

يوجد الكثير من أنواع الجذور الحرة، لكن أشهر أنواعها عند الإنسان هي جذور الأكسجين الحرة، وفيما يلي أبرز 4 أنواع شائعة منها:

  • الأوكسجين الواحدي singlet oxygen (عندما ينقسم الأكسجين إلى ذرات وحيدة مع الكترونات غير مقترنة).
  • بروكسيد الهيدروجين (hydrogen peroxide).
  • الأوكسيدات الفائقة (superoxides).
  • أنيونات الهيدروكسيل (hydroxyl anions).

تأثيرات الجذور الحرة على الجسم

الخلايا الحرة، الإجهاد التأكسدي
الإجهاد التأكسدي

الجذور الحره وتأثيرها كبير على الجسم، يتمثل بالعملية الأهم والأخطر وهي:

الإجهاد التأكسدي

بعد تشكل الجذور الحرة لأي سبب من الأسباب، وازدياد عددها بشكل كبير، فإنها تكون حرة في إحداث التلف. ويخلق توفرها هذا، ما يسمى بالإجهاد التأكسدي في الجسم، الذي يرتبط بتدمير البروتينات، والدهون، والأحماض النووية. كما بينت عدة دراسات أجريت خلال العقود القليلة الماضية، أن الإجهاد التأكسدي يلعب دورًا هامًا في تطوير عدة حالات بما فيها التنكس البقعي، ومرض القلب والأوعية الدموية، وأنواع سرطان معينة، وانتفاخ الرئة، وإدمان الكحول، والزهايمر، ومرض باركنسون، والقرحات والأمراض الالتهابية مثل؛ التهاب المفاصل والذئبة، إلى جانب الشيخوخة الطبيعية.

حسب نظرية الجذور الحرة والشيخوخة: فإننا نشيخ أو نتقدم بالعمر، بسبب التلف الذي تسببه هذه الشوارد مع مرور الوقت. حيث أنها قادرة على تدمير الشيفرة (التعليمية) الإرشادية للحمض النووي، التي تدفع لنمو الخلايا الجديدة بشكل صحيح، الأمر الذي يؤدي إلى الشيخوخة.

إن هذه النظرية حديثة نسبيًا، لكن تدعمها دراسات كثيرة. منها واحدة أجريت على الجرذان، وأظهرت ازديادًا واضحًا في عدد الشوارد الحرة عند تقدم الجرذان بالعمر. وتزامنت هذه التغييرات مع التراجع الصحي المتعلق بتقدم العمر.

مع مرور الزمن، عدّل الباحثون نظرية الجذور الحرة للشيخوخة، لتركز على الميتوكوندريا أو المتقدّرة (mitochondria)، وهي عضيات دقيقة في الخلايا، تأخذ المواد المغذية وتصنع منها طاقة لتستفيد منها باقي الخلية.

اعتقد الباحثون في دراسة الجرذان، أن الجذور الحرة في العضيات، تتلف المواد التي تحتاجها الخلية لتعمل بشكل مناسب، ويسبب هذا التلف طفرات تنتج المزيد من الخلايا الحرة، وعلى ذلك تسرّع عملية تلف الخلية.

تساعد النظرية في تفسير الشيخوخة، التي تتسارع مع الوقت. فالتراكم التدريجي لكن السريع بشكل متزايد للشوارد الحرة، يقدم تفسيرًا واحدًا لشيخوخة حتى الأجساد الصحية، وتدهورها مع الزمن.

أعراض الإجهاد التأكسدي

ذكر مقال نشر عام 2010 في Methods of Molecular Biology، لا توجد أعراض معروفة بشكل رسمي للإجهاد التأكسدي، لكن يتضمن أغلبها:

  • الإعياء والتعب.
  • الصداع.
  • حساسية في الأنف.
  • فقدان ذاكرة.
  • تشوش الدماغ.
  • آلام في العضلات والمفاصل.
  • التجاعيد والشيب.
  • اضطراب الرؤية.
  • نقص المناعة.

طرق تخفيض الجذور الحرة

تتضمن طرق إنقاصها في الجسم، كل من تقليص فرص تشكلها، بالإضافة إلى تزويد الجسم بمضادات الأكسدة. صحيح أن الجسم ينتج مضادات أكسدة بنفسه، لكن كمياتها غير كافية، ومن الهام ملاحظة أنه نظرًا لتشكل الخلايا الحرة خلال العمليات الخلوية الطبيعية، قد يفعل الأشخاص كل شيء بشكل صحيح ومناسب، لكن يصابون بالسرطان رغم ذلك.

ومن أهم تدابير تخفيض إنتاج هذه الجذور:

  • عدم التدخين.
  • تجنب الأطعمة المصنعة.
  • الحذر عند التعامل مع أي مواد كيميائية في المنزل أو العمل.

الجذور الحرة ومضادات الأكسدة

الخلايا الحرة ومضادات الأكسدة
دور مضادات الأكسدة في مقاومة الجذور الحرة

مضادات الأكسدة (Antioxidants) هي مواد طبيعية، عبارة عن جزيئات في الخلايا، تمنع الجذور الحرة من سحب الالكترونات، والتسبب بالتلف. أي أنها تضبطها، وتبقيها تحت السيطرة. وتعمل على تخليص الجسم منها. فكما تتخلص الألياف الجسم من نفايات الأمعاء، فإن مضادات الأكسدة تطهر الخلايا من نفايات الجذور الحرة. أيضًا هي قادرة على منح الكترون إلى إحداها، دون أن يتزعزع استقرارها، ما يوقف سلسلة تفاعل الشوارد الحرة.

برزت مضادات الأكسدة للنور عام 1990م، عندما أدرك العلماء التأثيرات المحتملة للجذور الحرة على تطور مرض السرطان، وتصلب الشرايين وغيرها من الأمراض المزمنة. وقام العلماء خلال العقود التالية بالعديد من الدراسات على تأثير مضادات الأكسدة، وجاءت النتائج مختلطة. مثلًا في تجربة استمرت لمدة 6 سنوات على مرض العيون المتعلق بالعمر، وجدت أن مزيج فيتامين C وE، والبيتا كاروتين والزنك يؤثر في يحمي قليلًا ضد تطور التنكس البقعي المتعلق بالعمر.

بالمقابل، بينت تجربة البيتا كاروتين على الرجال الفنلنديين المدخنين بكثرة، تقدمًا في سرطان الرئة عند من يتناولون بينهم متممات البيتا كاروتين.

حتى الآن، لم يتوصل العلماء لفهم كامل لنتائج التجارب المختلطة، أو الآليات الدقيقة التي تجعل مضادات الأكسدة مؤثرة أو غير مؤثرة على الجذور الحرة، لكن حسب البعض فإن نتائج الدراسة تقترح أن التأثير الأكبر والأكثر أمانًا لمضادات الأكسدة، يكون عبر تناول الأطعمة الكاملة، وليس المتممات الغذائية.

أنواع مضادات الأكسدة ومصادرها

تعمل آلاف المواد الكيميائية كمضادات أكسدة، لكل منها طريقة مختلفة عن الأخرى، وذلك تبعًا للخواص الكيميائية، مع الانتباه إلى أنها غير قادرة بمفردها على مكافحة تأثيرات كل شاردة حرة، فهي تتشابه مع الشوارد الحرة، من حيث اختلاف تأثيراتها باختلاف مكانها في الجسم. وهناك عدة تصنيفات لأنواعها، من حيث: قابلية ذوبانها في الدهون أو الماء، والحجم، والفعل الأنزيمي.

من أهم مضادات الأكسدة:

  • فيتامين E.
  • وفيتامين A.
  • فيتامين C.
  • الكاروتينات على أنواعها، خاصة البيتا كاروتين.
  • حامض الليبويك lipoic.
  • الجلوتاثيون:
  • البوليفينول: في الشوكولا، والتوابل.
  • الريسفيراترول: توجد في العنب والكاكاو.
  • الليكوبين، يتواجد في الخضار والفاكهة حمراء اللون، كالكرز.
  • الأنتوسيانيدين (anthocyanidins) في التوت.
  • EGCG: في الشاي الأخضر.
  • هرمون الاستروجين النباتي (فيتويستروغنز).
  • السيلينيوم: يتوفر في البيض، والبقوليات، والحبوب الكاملة.

ينصح خبراء التغذية بهدف الحصول على مجموعة من مضادات الأكسدة الصحية في النظام الغذائي، بتناول “تشكيلة قوس قزح من الأغذية” مختلفة الألوان، لأنها تحتوي على فئات متنوعة من مضادات الأكسدة. خاصة الملونة منها:

  • التوت، والحمضيات وغيرها من الفاكهة الغنية بفيتامين C.
  • البندورة
  • البروكلي.
  • السبانخ.
  • الجزر.
  • المكسرات.
  • الشاي الأخضر.
  • الصويا: الموجود في فول الصويا وبعض بدائل اللحوم، والغني بالفيتويستروغنز (phytoestrogens).

الجذور الحرة والتمارين الرياضية

تبعًا لمقال في American Journal of Clinical Nutrition، فإن التدريب المتكرر يقلل من الإجهاد التأكسدي الناتج مبدئيًا عن التمارين، حيث تحسن الرياضة المنتظمة من دفاعات مضادات الأكسدة. لكن أورد مقال آخر في Biochemical Society Transactions، أنه يمكن لتمارين الآيروبيك المجهدة أن تُنتج إجهادًا تأكسديًا، حيث يسبب حرق الطاقة بشدة في تمارين الكارديو تفاعلات كيميائية تسرّع معدل تشكل الجذور الحرة، لكن ذلك لا يبرر ترك ممارسة الرياضة.

ختامًا؛ من المستحيل الحد من التعرض لتأثيرات الجذور الحرة كليًا، خاصة أنواعها تلك الناشئة عن عملية الأيض الطبيعية في الجسم، لكن سيكون من الجيد البدء بتقليل التعرض لها، والابتعاد عن مصادرها الشائعة مثل التلوث، والأطعمة المقلية. بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي متوازن، يحتوي على مجموعة كبيرة من مضادات الأكسدة، إلى جانب ممارسة الرياضة بانتظام.