فوبيا الحميمية أو رهاب الحميمية، سنتحدث عن علاج هذا المرض النفسي. ربما تكون أنت مصابًا بهذا المرض، ولذلك، فعليك أن تعرف كل شيء عن هذا الرهاب. بمجرد أن تشعر أنك تخاف تكوين علاقات مع الآخرين إلى درجة الانعزال التام، فهذا يعني أنك قد تكون مصابًا بهذا المرض.
مرض فوبيا الحميمية
إن رهاب الحميمية، أو فوبيا الحميمية، يعني باختصار (خوف القرب من الآخر)؛ مما يؤدي للوقوع في العزلة. وطبعًا، فليس المقصود هنا هو الحب وحده أو العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة فقط، بل المقصود هو كل أشكال العلاقات الإنسانية، بما في ذلك علاقتك مع الأبوين، الأصدقاء، الأقارب، والمجتمع المحيط. لكن بالدرجة الأولى ما يهمنا في فوبيا الحميمية هو مفهوم (العلاقات الأولى) في علم النفس.
العلاقات الأولى
في الواقع، إن مفهوم (العلاقات الأولى) في علم النفس يعني تلك العلاقات المؤثرة في (حصين الذاكرة) لدينا، أي العلاقات الأهم والتي شكلت النواة الأصلية لشعورنا وطريقة تعاملنا مع الآخر. نخص بالذكر العلاقات مع الأبوين بالدرجة الأولى، ثم العلاقات الراسخة كالعلاقة مع عزيز أو صديق مهم. والعلاقة الأولى في علم النفس هي العلاقة التي تبني وتطور استراتيجيات تعامل الإنسان مع الآخر.
أسباب اضطراب الحميمية
تتنوع أسباب اضطراب وفوبيا الحميمية حسب نوع العلاقات في الماضي وطبيعتها. وهي:
إساءات الأبوين
من ضمن هذه الأسباب الإساءات المتراكمة في الماضي، خصوصًا الإساءات الناجمة من العلاقات الأولى. أيضًا، فإن إساءات اﻷبوين تلعب دورًا كبيرًا، وهذا لأنها تشكل عماد الذاكرة عند الإنسان، وهي الطريق لبناء الشخصية. بطبيعة الحال، فإن شخصية المرء تتكون نتيجة لطريقة والديه في التعامل معه وتربيته، كذلك رصيد الإساءات أو حسن المعاملة. لكن سوء المعاملة هو الذي يلعب الدور الكبير في ظهور فوبيا الحميمية. هذه الإساءات تجعل الإنسان يفقد الرغبة في الثقة بالعالم، ويشعر بالنقص والعجز، وعدم الرغبة في الثقة بأي شيء في الحياة.
خيانات الأصدقاء المقربين
كذلك، فإن أي خيانة لأي صديق حميم، وأي صدمة نتيجة تلك الخيانة، ستؤدي لظهور مرض فوبيا الحميمية. هذا لأن ذلك الشخص العزيز علينا، والذي جعلناه يحتل مكانة خاصة في القلب، قد خان توقعاتنا، وجعلنا نشعر بالعار الداخلي. يتولد نتيجة لذلك إحساس داخلي بعدم الثقة تجاه بناء أي علاقة مع أي صديق جديد، ونفقد الرغبة في تكوين العلاقات.
الاكتئاب يؤدي لفوبيا الحميمية
عادةً ما يحصل مرض الاكتئاب نتيجة لصدمة نفسية معنية. هذه الصدمة تولد اضطراب ما بعد الصدمة. نتيجة لذلك، فإن الإنسان يشعر بالكراهية والاحتقار تجاه العالم كله والآخرين، ويفقد الرغبة في تكوين أي علاقات. من جهة أخرى، لأن مرض الاكتئاب هو مرض خطير، والخروج منه ليس بالسهل، تتكون في عقل الإنسان ردة فعل مناعية تجاه القيام بأي علاقة مع أي إنسان آخر.
الابتزاز العاطفي
يؤدي الابتزاز العاطفي، لظهور مرض رهاب الحميمية. إن الناس الذين يتعرضون للابتزاز من أشخاص مقربين أو أصدقاء أو معارف جدد، تتكون لديهم نظرة جديدة تجاه المجتمع تتسم بالاحتقار والازدراء. نتيجة لذلك، يصبح الانعزال هو الحل الوحيد أمام المتعرض للابتزاز. يؤثر الابتزاز بشكل كبير خاصة إن كان من شخص عزيز. كذلك، يؤدي الابتزاز لفقدان الإنسان ثقته بالمحيط.
وجود أمراض سابقة
في الحقيقة، إن وجود أمراض سابقة، يؤدي للوقوع في رهاب الحميمية. نخص من هذه الأمراض، الأمراض النفسية كالقلق واضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الوسواس القهري، وغيرها. وأمراض أخرى عضوية أو غير نفسية مثل أمراض القلب والسكر والضغط والكولسترول. هذا لأن المرض المؤلم يؤدي لشعور الإنسان بأنه أقل من غيره، فيسقط في عقد النقص. يحس الإنسان بأنه لا يستحق أن يكون إلى جوار الآخرين.
علاج فوبيا الحميمية
لا بد من القيام بخطوات علاجية لفوبيا الحميمية. تجدر الإشارة، إلى أنه من الممكن أن يتواجد هذا الرهاب كمرض جانبي مع الاكتئاب أو وسواس القسر. ولعلاج رهاب الحميمية كثير من الطرق.
العلاج بالدواء
أحيانًا، ومع تفاقم الإصابة، يلجأ المريض للعلاج الدوائي الخاص بالاكتئاب مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات. ولكن هذا العلاج هو لإزالة الأعراض وحدها، وتهدئة المريض قليلاً، ولا يمكن أن يكون علاجًا نهائيًا. إن العلاج الدوائي يكون فقط ممهد للعلاج الأصلي غير الدوائي.
علاج بفهم النفس
من خطوات العلاج الحقيقي، فهم النفس وكذلك أن يفهم الآخرون مشكلة المريض. يجب أن يكون هناك شخص واحد على الأقل يحب المريض ويقف إلى جانبه، ويفهم أن مشكلته مشكلة نابعة عن أسباب حقيقة، ويتفهم عجزه وعدم قدرته على العلاج وحيدًا. إن فهم شخص آخر واحتواءه للمريض يشجع هذا الأخير على العلاج.
علاج فوبيا الحميمية بالتاوية
بالإضافة لذلك، فإن فلسفة التاو الصينية Taoism لها دور في العلاج. إن تعاليم التاويين (لاو تسه) وفلسفتهم في عيش الحياة هي فلسفة جميلة وبسيطة قائمة على فهم الطبيعة. يفهم المريض كينونته ويحترم ما مر به من تجارب. يقول حكماء الزن الياباني (في الثبات حركة، وفي الحركة ثبات). يتعلم المريض أن يتحكم بجسده، وبعضلاته، وبأنفاسه. يصل المريض إلى مرحلة القوة، والتغلب على القلق، والشعور بالحب والتسامح النفسي.
العلاج بالرياضة
في الحقيقة، إن للرياضة دور كبير في علاج رهاب الحميمية وعدد كبير من الأمراض العضوية والنفسية. خاصة تمارين الكارديو التي تعتمد على تنشيط الدورة الدموية وتوزيع الدم في كل نقاط الجسم. يتنفس الجسد بطريقة صحيحة، وكذلك فإنه يصبح ذو مرونة في التعامل مع الحركات الانفعالية النابعة عن المرض النفسي.
العلاج بالغذاء
يجب أن يتضمن علاج المريض، بطبيعة الحال، نظام غذائي صحيح تقلل فيه كمية الكربوهيدرات (البطاطا، الرز، النشويات)، وتزيد فيه كمية مضادات الأكسدة الطبيعية (الخضار والفواكه الحمراء والخضراء). كذلك، فإن النظام الغذائي يجب أن يحتوي على الماء بنسب تختلف حسب وزن الجسم. عمومًا، يجب أن يتعمد المريض على غذاء صحي ومتوازن وينظم أكله للحوم والنشاء ويخفف منها.
بذلك؛ نكون قد تعرفنا على مرض فوبيا الحميمية النفسي، ونكون قد تحدثنا عن المسببات وجذور المشكلة، وعرجنا على سبل العلاج. إن لأجسادنا وصحتنا النفسية أهمية كبيرة وحق علينا كبير، ولذلك، كان لا بد لأي إنسان من أن يعتني بصحته ويجد الحلول لمشاكله النفسية التي يجب أن يعدها تجارب مفيدة وليس تجارب سلبية.