-

الأفكار غير المنطقية

الأفكار غير المنطقية
(اخر تعديل 2024-09-09 15:29:20 )
بواسطة

في كل حين، نحن معرضون لاختبار الأفكار غير المنطقية (irrational thoughts) أو التطفلية (Intrusive Thoughts). والتي غالبًا ما تتسم بالسلبية أو الإزعاج، دون أن ندرك أحيانًا وجودها حتى بسبب توارد آلاف الأفكار يوميًا. فما تعريف هذه الأفكار، وما هي أسباب الأفكار غير المنطقية، وأنواعها، وأهم خطوات إيقاف الأفكار غير المنطقية، وطرق علاجها؟.

الأفكار غير المنطقية

هي أفكار أو صور غير مرغوبة تقفز إلى الرأس دون أي سبب وتلتصق بالعقل، وتسبب التشتت والقلق أو الألم. ويزداد تفاقم المشكلة عند تكرار حدوثها. يمر الشخص بأوقات صعبة عند محاولة السيطرة على هذه الأفكار، وجعلها من الماضي.

تكون بعض الأفكار غير المنطقية، التطفلية، أكثر تأثيرًا من غيرها، كأن ينتج عنها إزعاج واضطراب يصعب السيطرة عليه إذا لم يعرف المصاب كيفية التعامل معها. تنبثق من مخاوف المرء المتعلقة بالمستقبل، أو من ذكريات متطفلة من الماضي، أو من أفكار غير مناسبة (كالجنسية)، أو الصور التطفلية، أو قد تدور حول تصرفات الشخص غير المقبولة أو المثيرة للاشمئزاز. وغيرها من مجموعات الأفكار المزعجة والمشوشة.

أساسًا؛ إن الأفكار التطفلية هي مجرد أفكار طبيعية، لا تختلف عن أي أفكار أخرى، سوى أنها تسبب إزعاجًا حقيقيًا. لكنها دون معنى في حياة الشخص، وهي ليست رسائل تحذير أو رايات حمراء. وقد بينت بعض الدراسات أن 94% من السكان يفكرون بأفكار غير منطقية وتطفلية وغير سارة بشكل يومي. لكن يكمن خطرها الحقيقي عند تحولها إلى هوس.

أسباب الأفكار غير المنطقية

الأفكار التطفلية غير المنطقية
أسباب الأفكار غير المنطقية

هناك عدد من الأسباب التي تؤدي إلى اعتناق الأشخاص لأفكار غير منطقية وتطفلية، لكن يعود سبب أغلبها إلى القلق.

يختبر معظم الناس أفكارًا غير مرغوبة، ويتوقف مدى تأثيرها في خبراتنا على كيفية التعامل معها. مثال: إذا اخترت الانقياد وراء فكرة غير منطقية؛ سيسبب ذلك مزيدًا من القلق والخوف. وستصبح عرضة للتأثر بالمزيد من الأفكار غير المنطقية، وهكذا تدور في حلقة مفرغة إذا لم تمسك بزمام الأمور وتوقف تجاوبك معها.

في بعض الحالات، تكون هذه الأفكار نتيجة لحالات نفسية معينة غير ظاهرة، مثل، اضطراب الوسواس القهري وغيره. وقد تكون عارضًا من أعراض مشكلة صحية أخرى، مثل:

  • تأذي الدماغ.
  • الجنون.
  • مرض باركنسون.

أيضًا، لا ينبغي الاستخفاف بالتغير في الحالات النفسية، حيث تتضمن بعض الأعراض المبكرة لحالات نفسية محددة:

  • التغير في أنماط التفكير.
  • أفكار وسواسية.
  • أفكار عن تصورات مزعجة.

قد لا تكون الأفكار مخجلة، لكنها تشكل دافعًا لطلب التشخيص والعلاج.

من يتأثر بالأفكار غير المنطقية؟

أي شخص معرض لاختبار الأفكار غير المنطقية، ويفكر بها معظمنا بين الفينة والأخرى. لكن بعض الأشخاص المصابين بالحالات النفسية التالية، هم الأكثر عرضة للأفكار غير المنطقية:

  • اضطرابات القلق.
  • اضطرابات الهلع.
  • اضطراب الشخصية الحدي BPD
  • الاكتئاب
  • اضطراب الوسواس القهري (OCD).
  • الاضطراب الثنائي القطب.
  • الفوبيات.
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
  • الشيزوفرينيا.
  • اضطراب تعاطي المواد: مثال، اضطراب استعمال البنزين أو الغراء.

أنواع الأفكار غير المنطقية

فيما يلي أكثر أنواع الأفكار غير المنطقية شيوعًا:

التنبؤ

عندما تتوقع، فإنك تتنبأ بحدث مستقبلي لن يحدث. يعرف التنبؤ بأن الأسوأ قادم أيضًا باسم التفكير الكارثي catastrophic thinking.

مثال: لديك خوف من الطيران، وبينما أنت على طائرة، ستفكر: “إن هذا الاضطراب يخيفني، أنا أعرف أن هناك خطأ ما في الطائرة”.

تكمن مشكلة التنبؤ بأنه يغذي مخاوفك وقلقك، مسببًا مزيدًا من الشعور بالخوف. عندما تتفاقم مشاعر الهلع، سيبتعد نمط التفكير أكثر عن نطاق السيطرة.

هزيمة الذات Self-Defeat

يميل الأشخاص المعرضون للإصابة بالقلق أو الهلع إلى استخدام كلمات مثل، سوف، أو يجب، أو ينبغي عند وصف أنفسهم وحالتهم.

قد يعتنقون معتقدات مثل “يجب أن أكون هادئًا على الطائرات”. أو “ينبغي أن أكون أكثر ارتياحًا بين الناس” أو “يجب أن أكون فاشلًا”. مثل هذه الأحكام القاسية على النفس ليست مفيدة في تخفيف القلق، فالتفكير بكل شيء أو لا شيء يقود إلى انتقاد الذات، والذي بدوره يغذي القلق بكل بساطة.

عندما تصبح أكثر قلقًا، ستربكك الأفكار حول انهزامك. ستبدأ بلوم نفسك لأنك تشعر بالخوف، معتقدًا أن ثمة عيب في قسمك. وقد تنعت نفسك بألقاب مثل ضعيف، أو مثير للشفقة. قد تبدأ أيضًا بالمبالغة في التعميم، عندما تعتقد أنك “لن تكون بخير بين الناس” أو “لن تكون مرتاحًا دائمًا”. كل هذه الأفكار الكارثية ستُشعرك بالتعاسة.

قراءة الأفكار

تزداد العصبية غالبًا، عند الاعتقاد أن الآخرين يطلقون الأحكام عليك. هو نوع آخر شائع من التفكير غير المنطقي، فعندما تشعر باستمرار أن الآخرين لا يتقبلونك، ستمر دائمًا بمشاعر الذنب والقلق. وحتى عند وجود دليل حاسم أنهم يقدرونك، ستستمر في اعتقادك بأنهم ينفرون منه. قد تكون من النوع الذي يرغب بمحبة الناس، وبأن تكون محبوبًا ومثاليًا كما الغير. أيضًا قد تشعر بأنك أدنى منزلة منهم، معتقدًا أنك لا تُقارن بهم.

عندما تقرأ الأفكار، ستجتاحك أفكار مثل: “يمكنني القول إن هناك مشكلة خطيرة في الطائرة، من خلال تعابير وجه المضيفة “. بينما تفكر في الأماكن العامّة: “ذلك الشخص سيقول بأنني متوتر، يعتقد بأني مصاب بالعصاب”. هذه الحالات الداخلية تجعل إدراكك ينمو فقط

تقودنا إنحيازاتنا الخاصة لافتراض أن أحدهم يحكم علينا ببساطة من خلال النظر إلى وجوهنا فقط، في الواقع، ليس لدينا أدنى فكرة عما يدور بأذهانهم أو يشعرون به.

خطوات إيقاف الأفكار غير المنطقية

الأفكار غير المنطقية
خطوات إيقاف الأفكار غير المنطقية

تشكل مخاوف الحياة اليومية ما يقارب 67% من عموم أفكارنا، ونختبر أفكارًا سيئة وغير مقبولة أو مريحة بما نسبته 18%. أما الأفكار التطفلية فتشغل حوالي 12% من عملية تفكيرنا اليومي. فيما يلي خطوات إيقاف الأفكار غير المنطقية بنجاح:

إدراك الأفكار غير المنطقية

لتغيير طريقة تفكيرك، عليك أولًا أن تدرك أفكارك التطفلية، بالمقابل تكون بعض الأفكار منطقية ومفيدة؛ ويمكنك تحديد الأفكار غير المنطقية، من خلال ما يلي:

  • اسأل نفسك فيما إذا كانت أفكارك مفيدة أو غير مفيدة.
  • انتبه إلى ما تقوله لنفسك.
  • هل هناك أدلة تثبت أفكارك السلبية؟

تذكر أنك لست شخصًا سيئًا لأن هذه الأفكار تراودك، فأنت لا تستطيع أن تسيطر على كل فكرة غير منطقية تقفز إلى رأسك. جرب ألا تخرج هذه الأفكار من رأسك قسرًا وألا تعاقب نفسك على امتلاكها ، وألا تناقشها أو تؤمن بها أيضًا، ببساطة تقبّل وجودها. فأنت عندما تقاومها فإنك بذلك تمنحها المزيد من القوة. وعندما تخبر نفسك بألا تفكر بشيء ما، ستميل أكثر للتفكير به.

سيكون الأمر صعبًا؛ لكن حاول أن يمر الوقت، لا تدع أفكارك غير المنطقية تعطل ما تفعله. اشعر بمخاوفك، وتوترك، وقلقك، لكن حاول أن تسيطر على هذه المشاعر بدلًا من التجاوب معها.

التوقف عن التفكير غير المنطقي

عندما تجد نفسك تفكر بطريقة تطفلية، توقف عن التفكير بهذه الأفكار مهما كانت، قم بتسميتها بالقول بصوت مرتفع، أو بينك وبين نفسك: “هذه فكرة غير منطقية”، أيضًا يمكن القيام بذلك عن طريق:

  • توجيه أمر واعي بسيط “توقف” كلما خطرت فكرة سلبية.
  • استبدال الفكرة غير المنطقية بالتفكير بشيء تحبه.
  • التحول عن الفكرة بالاستماع إلى الموسيقا.
  • التأمل.
  • التركيز على شيء آخر.

إعادة صياغة الأفكار

جرب الاحتفاظ بمفكرة وقلم، وقم بتدوين ما تلاحظه من أفكار مؤذية، وغير منطقية. في نهاية اليوم، قد تتفاجأ بكمّ الأفكار غير المنطقية التي خطرت لك. بعد ذلك، امض بعض الوقت في تسجيل بعض الاستنتاجات، مثل: لنفرض أنك دونت العبارة التالية: “سأكون أقل قلقًا، وأسيطر على الأمور”. والآن جرب استبدال الفكرة السلبية بحالة أخرى مثل: “بعض الأيام أفضل من غيرها، لكني أعرف أني أبذل قصارى جهدي للتغلب على القلق والهلع”.

استبدال الأفكار غير المنطقية

تتجلى الخطوة الأخيرة في استبدال الفكرة غير المرغوبة بفكرة مفيدة، ومنطقية، وإيجابية. ففي حين تزيد الأفكار السلبية من مستوى القلق والخوف، فإن الأفكار السليمة والإيجابية تساعد في تخفيف القلق. قد تستغرق عملية تغيير نمط التفكير بعض الوقت، لكن بالممارسة اليومية يمكن جعل التفكير السليم عملية طبيعية. مع المحافظة على تسجيل الأفكار في مفكرة لأنه أمر مفيد.

نمط الحياة الصحي

تساعد ممارسة اليوغا والتأمل في تقليل التوتر عند المصابين باضطرابات القلق، مثل الوسواس القهري واضطراب ما بعد الصدمة، والعديد من الحالات المرتبطة بالتفكير التطفلي وغير المنطقي. ذلك أن ارتفاعًا في مستوى السيروتونين ظهر عند المشاركين في إحدى الدراسات بعد ممارسة التأمل أكثر مما كان قبل التأمل. كذلك تساهم المحافظة على نمط حياة صحي، يتضمن ممارسة الرياضة وتناول طعام مغذي، في تقليل التوتر والإجهاد. أيضًا تتحسن القدرة على التعامل مع الأفكار غير المنطقية، عند العناية بالصحة النفسية على المدى الطويل. كما أن المشي السريع يعدل المزاج ويخفف القلق.

علاج الأفكار غير المنطقية

تتمثل طرق علاج الأفكار التطفلية بـ:

العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

العلاج عبر الحديث هو طريقة لمناقشة الأفكار المزعجة مع خبير بالصحة النفسية. ستتعلم طرق تفكير جديدة، واستجابات يمكن أن تساعدك لتصبح أقل تأثرًا بالأفكار غير المنطقية. قد يعرضك المعالج أيضًا لمثيرات للأفكار غير المنطقية (في بيئة خاضعة للمراقبة) حتى تتمكن من تطوير استجابات سليمة.

الأدوية والعقاقير

قد يصف مزود العلاج بعض الأدوية للمساعدة في التوازن الدماغ الكيميائي. وهو أمر شائع لحالات مثل الاكتئاب واضطراب الوسواس القهري (OCD). قد تتضمن هذه الوصفات الطبية عقاقير مثل:

  • مضادات الاكتئاب (Antidepressants).
  • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.

العناية بالنفس

يعتبر التعرف على ماهية الأفكار التطفلية، خطوة جيدة. ويمكن أن تتعلم كيفية تصنيفها عندما تخطر على بالك، ومعرفة أسباب وطرق إيقاف الأفكار غير المنطقية.

أيضًا إن تعلم السيطرة على التوتر من خلال العناية بالنفس، وتطوير استراتيجيات المواجهة الفعالة، قد يساعد في تقليل تواتر أو شدة الأفكار غير المرغوبة.

ختامًا، الكل معرض للكثير من الأفكار مختلفة الأنواع والمنشأ، دون أن يكون له دور في الأمر، لكن الناحية الأهم هي إدراك كل ما نمر به، والعمل على إدراك أسباب الأفكار التطفلية، وإيقافها بأسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف، فصحتنا النفسية هامة تمامًا كصحتنا الجسدية.