بدء نشاط تجاري أو مشروع ريادي خاص، يطمح الكثير من الأشخاص إلى دخول مجال ريادة الأعمال وفتح مشاريعهم والعمل لحسابهم الخاص. للأسف تشير الإحصاءات إلى أن 90% من الشركات الناشئة يكون مصيرها الفشل، 20% منها خلال السنة الأولى للمشروع. كيف تعزز فرص نجاح مشروعك ليكون من الشركات التي تستمر وتجتاز مرحلة الانطلاقة بنجاح؟ ما هي الخطوات التي يشكّل إهمالها خطرًا كبيرا على حياة المشروع؟
يمكن أن نقسم عملية إطلاق مشروع تجاري إلى ثلاث مراحل أساسية: (التحضير، الاستعداد، الإطلاق)
التحضير لبدء نشاط تجاري
قبل البدء في تنفيذ فكرة مشروعك عليك أن تقوم ببعض الخطوات التحضيرية لتتأكد من صحة المسار الذي تذهب فيه.
تأكد من إرادتك
هل أنت مستعد فعلًا للدخول إلى عالم المشاريع وريادة الأعمال؟ توجد العديد من المواقف الصعبة التي ستمر بها. الكثير من السهر والتفكير والبحث عن حلول واكتشاف مشاكل جديدة بشكل متكرر. تحتاج إلى الصبر والالتزام والتعلم ومتابعة العمل بدون استسلام حتى لو كانت النتائج في البداية لا تشير إلى أرباح عالية. أيضًا عليك أن تكون مستعدًا لإغلاق المشروع عند مرحلة معينة، هذه الفكرة يغفل عنها الكثير من أصحاب المشاريع الناشئة.
طوّر الفكرة
هل تولّدت في ذهنك فكرة مشروع؟ اِعمل على تطويرها من خلال البحث عن أفكار مشابهة لها أو مرتبطة بها. فكر في الجوانب السلبية ولماذا قد تفشل؟ ما هو الاحتياج الذي تلبيه أو تخلقه؟ ما هو أبسط شكل لها؟ وما هي القيمة المضافة عن المشاريع المشابهة؟
اِطرد الفكرة من رأسك وحاول أن تتجاهلها، إذا عاودت الظهور سجلها واتركها قليلًا. ابدأ في طرحها على بعض الأشخاص المقربين والذين ينتمون إلى الفئة المستهدفة. هل سيشترون خدمة كهذه وكم سيدفعون مقابلها؟ أيضًا قد لا تكون مناسبة لهم عكس ما تتوقع.
يفضّل البعض أن تكون الفكرة ضمن المجالات التي تحبّها أو لديك مهارات وخبرة عنها، لكن هذا لا يعني تقيدك دائمًا ضمن هذا الإطار. إذا خطرت ببالك فكرة من خارج مجالك واهتماماتك يمكنك أن تتشارك بها مع آخرين لديهم اهتمامات أو خبرات في هذا المجال.
ادرس السوق
حدد سوقك المستهدف من مختلف المواصفات (المنطقة الجغرافية، العمر، الجنس، الاهتمامات..). عليك أن تبحث عن النشاطات المشابهة وتدرس منافسيك الحقيقيين. حلل أداءهم لكشف الثغرات ونقاط القوة والضعف والفرص. من هي فئاتهم المستهدفة؟ هل توجد فئة مهملة لا يستهدفها أحد؟ وهل يرتبط منتجك بمنتجات أخرى موجودة في السوق؟
قم بعمل استبيانات واستطلع آراء العديد من الأشخاص ضمن الفئة المستهدفة. يساعدك ذلك على فهم عملائك المحتملين، ومعرفة احتياجاتهم وتفضيلاتهم بشكل أدق. بالإضافة إلى ضرورة القيام بدراسة جدوى مفصلة للمشروع الذي تفكر به، وأن تكون موضوعيّا (Impartial) في تقبلك للنتيجة.
خطّط لبدء نشاطك التجاري
تساعدك خطة العمل في فهم أكبر لمشروعك الناشئ ومعرفة أبعاده واتجاهاته الممكنة. كما تمكنك من طرحها بشكل أفضل في حال أردت مشاركة ممولين معك أو شركاء آخرين. خطّط للدخول والإطلاق بأقل التكاليف من خلال التركيز على جوهر الفكرة.
- الصورة النهائية للخدمة، مع الاسم والرؤية والرسالة والأهداف والاستراتيجية.
- الفوائد والميزات التي يقدمها المشروع والمشكلة التي يحلها لدى الفئة المستهدفة.
- ما الإضافة التي يقدمها المشروع مقارنة بالمشاريع المشابهة؟
- هل الزبائن يحتاجون خدماتك فعلًا؟ كيف يمكنك أن تثبت ذلك؟
- مراحل وعمليات الإنتاج والمهام المتضمنة بها.
- الموارد والمنتجات وعمليات نقلها ومنافذ البيع وطريقة الشراء.
- ما هي خطتك للانتشار والترويج؟
- اتجاهات التطوير المحتملة، والزمن المتوقع للتطوير.
- التكاليف اللازمة والإيرادات المتوقّعة للسنوات الخمس الأولى.
تزيد من قوة فكرتك عندما تربطها بهدف إنساني أو اجتماعي بالإضافة إلى الهدف الربحي.
الاستعداد لبدء نشاطك التجاري
في هذه المرحلة أنت تستعد لتحويل الفكرة إلى مشروع على أرض الواقع والإقلاع في فضاء ريادة الأعمال.
اختبر مشروعك الناشئ
هذه الخطوة مفصليّة في مشروعك؛ ابدأ بنموذج مصغر عن النشاط التجاري واختبر نجاحه والمشاكل غير المتوقعة، وذلك قبل إطلاقه للعلن. ثم قم بتطويره بناء على تجربتك وعندها تصبح جاهزًا للانطلاق. قد تثبت لك التجربة أن المشروع غير ناجح ويجب أن يتوقف، عليك أن تكون مرنًا وموضوعيًّا أمام نتائج التجربة وأن تأخذ القرار الصحيح.
استشر الخبراء ورواد الأعمال الآخرين حول الفكرة والتجربة والاتجاهات الأفضل للتطوير والانطلاق. اجمع الآراء من زوايا مختلفة للمشروع، مثل الجودة والسرعة والأداء والانطباعات..الخ.
أسّس فريق العمل حسب:
- طبيعة وتوصيف المهام والخبرات المطلوبة.
- عدد أعضاء الفريق وحجم العمل المفترض والأدوات اللازمة.
- هيكلية الشركة والنظام الداخلي الضابط لعملها.
ابتعد عن الاعتماد على شخص واحد لجميع المهام، قد تعتمد شخصين أو أربعة أشخاص كبداية إذا كان هذا ما يتطلبه حجم العمل. يمكنك التوسع لاحقًا مع تطوّر المشروع. كما يمكنك الاعتماد على خدمات العمل عن بعد أو العمل المستقل لتطلب مهام معينة من أشخاص دون أن تلتزم بالتعاقد معهم كوظيفة. قد يكون أكثر كلفة لكنه يتيح لك التركيز على مشروعك بشكل أفضل.
اِجعله قانونيًّا
دراسة التراخيص المطلوبة والأمور القانونية المرتبطة ومعرفة الخيارات الممكنة، واستشارة خبراء مختصين لتحديد الطريق الأمثل لمشروعك قانونيًّا. ما نوعية الشركة التي تريد تأسيسها؟ طبيعة الضرائب التي ستترتب عليك، والمجالات التي يسمح لك هذا الترخيص بممارسة العمل ضمنها. الأمور القانونية من الأمور الهامّة جدًا ويجب عليك البحث عنها بشكل مفصّل.
موّل بدء نشاطك التجاري
خطتك المالية بالتفصيل، من الإنتاج إلى التسويق. من هم شركاؤك الماليين وما هي حصتهم من الأسهم؟ وكيفية توزيع الأرباح. العقود الواضحة والمحددة للعلاقة بين الأطراف المرتبطين بالمشروع سواء شركاء مستثمرين أو مقدّمي خدمات؛ لها أهمية كبيرة في نجاح واستمرار المشروع.
قد لا يكون من المناسب أن تبدأ بتمويل كبير لمشروعك لأن هذا يدفعك نحو توسيع عملك بشكل سريع لتحقيق إيرادات ترضي المستثمرين. بدلًا من ذلك دع الانطلاقة تأخذ حقها وينضج المشروع من الداخل والخارج ليكون مناسبًا بشكل أكبر للتوسع.
قدّم خدماتك
اِبدأ بإنشاء خطوط الإنتاج وتشغيل فرق العمل ورؤية المنتجات وتجميعها. في حال كان نشاطك خدميّ؛ يمكنك البدء بتقديم خدمات مشروعك بشكل خاص ومباشر. عليك أن تتأكد من كل الخطوات والمراحل وسير العمليات ونجاح المنتج النهائي ومناسبته للزبائن. يفضل أن يكون لديك كمية جيدة من المنتجات والمبيعات والزبائن المعجبين والمهتمين قبل أن تنطلق للعلن.
إطلاق المشروع
حان وقت إطلاق المشروع هل أنت مستعد؟ فيما يلي خطوات آخر مرحلة من مراحل بدء مشروعك التجاري.
أنشئ موقع مشروعك
هل يرتبط مشروعك بتواجد مكانيّ أم هو موقع ويب ونشاط تجاري الكتروني؟ حدد طبيعة المكان الذي سيكون مقرًّا لمشروعك واستقبال زبائنك، وقم بإنشاءه. سواء كان الكترونيّا أو على أرض الواقع؛ انت بحاجة إلى الاهتمام بسهولة الوصول إليه ومظهره. والانطباع الذي يتركه والذي يدفع الزبون إلى أن يكون مرتاحًا ويتخذ قرار الشراء منك أو التعامل معك.
سوّق لبدء نشاطك التجاري
التسويق يبدأ منذ مراحل نضج الفكرة، عندما درست الفئة المستهدفة والاحتياجات. ابحث عن أماكن تجمعهم وقنوات الوصول لهم، سواء على أرض الواقع أو على منصات التواصل الاجتماعي. لا تهمل أهمية العلامة التجارية الخاصة بك، وحاول أن تربطها بالجانب العاطفيّ أو المعنويّ لدى الزبائن.
يقول بروفيسور التسويق فيليب كوتلر: “توجد استراتيجية رابحة واحدة فقط؛ تحديد السوق المستهدف بعناية وتوجيه عرض مميز لهذا السوق”
طوّر
أحد المفاهيم الأساسية في الجودة “دائرة ديمينج” حيث تتحدث عن عملية مستمرة من الاختبار والتطوير (خطّط، نفّذ، اختبر، طوّر). لابد من الاستمرار في هذه الآلية لتبقى مطلعًا بشكل دائم على أداء نشاطك التجاري. حدّد مؤشرات قياس معينة تستدل منها على جودة العمل وتقييمه.
اِستمر
من خلال الخطوات السابقة لابد أن تكون تجاوزت الكثير من التهديدات المحتملة وأصبحت خطواتك أقرب للنجاح. مع ذلك عليك أن تتوقع ظهور مفاجآت مختلفة لم تكن في الحسبان؛ يجب التعامل معها بحكمةٍ وتأنٍّ، وكذلك بحياديّة ومرونة.
ضبط النفس والهدوء ضروريان في بداية انطلاق المشروع، بعض المشاريع قد تحتاج فيها إلى عدة سنوات قبل البدء بجني أرباح معقولة. ليس من الضروري أن تحقق أهدافك المالية تمامًا كما كنت تخطّط، يمكنك التعديل على الخطّة بما يتناسب أكثر مع مجريات الواقع.
تختلف تفاصيل خطوات بدء نشاط تجاري من نوع لآخر، لكنها تشترك بهذه الخطوات الرئيسية العامة. يبقى عليك أن تصيغها لتتناسب مع مشروعك الريادي أيًّا كان نوعه. لابد من التأكيد على أن التفكير بهذه الطريقة والعمل وفق هذا التسلسل يساعدك في فهم المشروع بشكل أكبر والاستفادة من هذه التجربة لنجاح التجارب المقبلة بشكل أفضل.