-

فوائد العزلة

فوائد العزلة
(اخر تعديل 2024-09-09 15:29:20 )
بواسطة

فوائد العزلة (The benefitsofisolation) كثيرة، لكن قليل منا يدرك ذلك. فهل جلست ولو لبضع دقائق في خلوة مع نفسك دون الشعور بالوحدة؟ إن لم تفعل فقد فاتك الكثير. ذلك أن الانعزال الاجتماعي فرصة وحيدة لاكتشاف هويتك، تطويرها، وتغيير خصالك السيئة. كما وأنه ضروري لتنمية الجانب الروحاني وتعزيز علاقتك الخاصة مع الله. فما هي فوائد أو منافع العزلة؟

التركيز الداخلي أبرز فوائد العزلة

مما لا شك فيه، أن البشر كائنات اجتماعية. لكن قليل من العزلة أمر محتم لتحقيق أحد أبرز فوائد أو منافع العزلة ألا وهو التركيز الداخلي، أي التركيز على الذات. وبالتالي اكتشاف معالمها وخفاياها وأولوياتها، إضافة إلى رسم طريقها ورؤيتها الخاصة دون التأثر بأنماط البشر وآراءهم.

مفهوم العزلة في علم النفس قائم على الهدوء والسكون، مما يجعل دماغك في حالة راحة، لا يمكن تحقيقها عند وجود أحدهم بجوارك، لأن ذلك يدفعك إلى الشرود الذهني. وبالتالي في غياب هذا الشرود، تقوم أحلام اليقظة بتفعيل “شبكة الوضع الافتراضي”(Default network وهي منطقة في الدماغ تساعدك في فهم مشاعرك ومشاعر الآخرين، في التركيز البعيد المدى، في تقوية الذاكرة، في تذكر الماضي، في التفكير بالحاضر الافتراضي وفي تصور المستقبل.

بمعنى آخر، فترات العزلة تساعدك عند مخالطة الناس، وتعدك لتكون أكثر تفهما لمشاعر الآخرين واختلاف آراءهم، وأكثر تعاطفا مع أحوالهم. مما يجعل علاقتك بهم أكثر عمقاً ومتانة. كما تجعلك الخلوة أكثر إدراكاً لذاتك ومشاعرك، مما يزيد من إنتاجيتك البدنية والفكرية.

التركيز الداخلي
شبكة الوضع الافتراضي

العزلة تساعد على تعزيز الإبداع

بدايةً عرف غريغوري فيست، المهتم بعلم النفس الإبداعي في جامعة سانت هوزيه بكاليفورنيا، الإبداع بأنه تفكير أو نشاط قائم على الأصالة والفائدة. كما وأنه رأى أن الإبداع مرتبط بالانفتاح على تجارب وأفكار جديدة من جهة، وبالاستقلالية أو قلة الاهتمام بالمخالطة الاجتماعية من جهة أخرى. بمعنى أوضح، من فوائد الانعزال الاجتماعي تعزيز التفكير الإبداعي، ويكون ذلك عبر التركيز على العمل والتفكر وبعد النظر.

إضافة إلى ذلك، هناك ثلاثة أنواع من العزلة الاجتماعية: الخجل، عدم الرغبة بالمخالطة، والنزوع الطبيعي للوحدة. وقد أشارت الدكتور باوكر وزملائها، لأول مرة في بحث صدر مؤخراً، أن الإبداع مرتبط بالنزوع إلى الوحدة وعدم الرغبة بالمخالطة. وهذا مغاير لأبحاث سابقة ذكرت أن عدم المخالطة الاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى أضرار نفسية.

الصحة العقلية أحد فوائد الانعزال الاجتماعي

الصحة العقلية

من وجهة نظر فيست، “كل الأشياء تقريباً يمكن أن تكون قابلة للتكيف. وأي اضطراب يمكن أن يكون سببه خلل وظيفي ما. وإذا قطع المرء اتصاله بالناس وتوقف عن الاهتمام بهم، فذلك يمكن أن يدل على إهمال مرضي للعلاقات الاجتماعية. لكن عدم المخالطة الإبداعية مغايرة تماماً”. كما وأنه من الصعب بمكان أن تحقق الاسترخاء وإدراك الذات والتأمل في الحياة ما لم تمارس العزلة الاجتماعية من وقت لآخر.

فضلاً عن ذلك، الانطوائيون لديهم صداقات أقل لكن أمتن، مما يشعرهم بالسعادة. إنهم يركزون على الكيف لا الكم في العلاقات وفي أشياء كثيرة أخرى. فالعلاقات الاجتماعية المنتظمة دليل على اختيارهم العزلة بعيداً عن الإجبار، وعلى حريتهم في تحديد طبيعة هذه العلاقات. وهذا أمر جيد ومريح بالنسبة لهم، فلا داعي لتغيير طبيعة شخصيتهم الانطوائية.

بالتالي، للعزلة فائدة على الصحة العقلية. إذ اكتشف الباحثون أن الشعور بالوحدة يمكن أن يقوي أجزاء من الدماغ مسؤولة عن الذكريات والتخطيط المستقبلي والخيال.

أهمية العزلة في تنمية الجانب الروحاني

من منافع العزلة أيضاً، أنها تحميك من التعلق بأحد أو بشيء أو بأمر ما في حياتك، ونسف هذا التعلق يبعدك عن الشرك بالله. وتلك الخلوة مع الخالق تفتح لك أبواب العبادة بشتى أنواعها من ذكر، تأمل، تفكر، شكر، دعاء، تسبيح، استغفار، شهادة وصلاة.

كذلك تمنحك الخلوة الحكمة، أي القدرة على التحكم بكافة جوانب حياتك. مما يقيك الغضب والاستسلام والخضوع لأهواء البشر وظلم النفس، ويساعدك على تحقيق النجاح.

كيف لك أن تعزز علاقتك بالخالق إن كنت منشغلاً عنه بالحياة المكتظة، تجري وراء كل شيء وليس لديك وقت حتى لتلتقط أنفاسك. دعك من هذا الازدحام المنتشر في كل تفاصيل حياتك، في هاتفك، خزانتك، بيتك وأفكارك. خذ مسافة أمان بينك وبين العالم في سبيل تنمية الجانب الروحاني في حياتك، لأنه الأساس في كل تعاملاتك مع ذاتك ومع البشر.

العزلة ليست صعبة المنال. من المؤكد يمكنك أن تنعم بخلوة مع نفسك لخمس دقائق كبداية، وبالتدرج لوقت أطول. وأن تغتنم فرصة مهمة وضرورية لتطوير الذات وتحسين كافة جوانب الحياة. لكن احذر من العزلة الطويلة، فقد تسبب لك الهلوسة أو غيرها من الاضطرابات العقلية.