-

تاريخ شجرة عيد الميلاد

تاريخ شجرة عيد الميلاد
(اخر تعديل 2024-09-09 15:29:20 )
بواسطة

تختلف الأقاويل وتتباين الأبحاث التاريخية التي تروي تاريخ وقصة شجرة عيد الميلاد، وتاريخ زينة هذه الشجرة ومن استخدمها لأول مرة. صحيح أنها الرمز الذي يرتبط بميلاد السيد المسيح وببداية السنة الميلادية الجديدة، ولكنها اكتسبت شعبيتها بين كل شعوب وأديان العالم جميعاً.

شجرة الميلاد عند الشعوب القديمة

يحكي التاريخ القديم الكثير من الحكايا عن تاريخ شجرة عيد الميلاد. حيث اُستخدمت الأشجار والنباتات دائمة الخضرة كرمز للتجدد والحياة لدى الشعوب القديمة منذ آلاف السنين.

علقت هذه الشعوب أغصاناً لأشجار دائمة الخضرة على النوافذ والأبواب في منازلهم، اعتقاداً منهم بأنها ستذهب عنهم المرض والأرواح الشريرة والسحر.

واستخدمت أيضا كتعبير عن الإحتفال بالانقلاب الشتوي، الذي تقام فيه المهرجانات احتفالاً بقدوم الربيع وتجدد الحياة.

في الحضارة المصرية

  • الشجرة رمزٌ للحياة

اُستخدمت الأشجار دائمة الخضرة في مصر قديماً كأحد الرموز المهمة التي تعبر عن الحياة والانتصار على الموت.
فالمصريون القدماء عبدو إلها اسمه رع، وهو يرتدي الشمس كقرص تشتعل فيه النار عند التاج.

يمرض رع في الشتاء ومع بداية الإنقلاب الشمسي وتفتح الربيع يحتفل المصريون بانتصار الحياة وتعافي رع من مرضه. فيملأون بيوتهم بأغصان من شجر النخيل الخضراء، وشجر الجميز الذي يعتبر أكثر الأشجار التي أحبها وفضلها المصري القديم وارتبطت لديه بالبعث والميلاد.

  • شجرة الخلود

يقال أن الشجرة في الحضارة المصرية القديمة كانت رمزاً للخلود والبقاء، حيث رسمها المصرييون على جدران معابدهم.

ففي مدينة هيليوبوليس مثلاً رسمت شجرة وسميت بشجرة الخلود، وكتبت على أوراق هذه الشجرة أسماء الملوك. ليتم بهذه الطريقة تخليدهم بعد اختيارهم من قبل رب الحكمة والمعرفة (الإله جحوتي).
في روما

زين الرومان معابدهم ومنازلهم بأغصان شجرة التنوب دائمة الخضرة في مهرجان ساتورناليا(Saturnalia). هذا المهرجان تكريمٌ لساتورن إله الزراعة، وشكرٌ له لأن المزارع والحقول ستخضرُّ وتثمر قريباً بعد حدوث الانقلاب الشتوي وعودة الشمس مع فصل الربيع.

في شمال أوروبا

قام الكهنة من القدماء السلتيين، باستخدام الأغصان دائمة الخضرة لتزيين المعابد كتعبيرٍ عن الأبدية واستمرار الحياة.
أما شعوب الدول الاسكندنافية فلقد اعتقدوا أن الخضرة هي النبات الخاص بإله الشمس(بالدر) والتي تعبر عن أزليته. ففي احتفالهم بعودته بعد مرضه بالشتاء يستخدمون هذه الأغصان الخضراء لتزيين البيوت والمعابد.

أول شجرة ميلاد كانت في ألمانيا

تاريخ شجرة الكريسميس
تاريخ أول شجرة ميلاد مزينة

تعتبر ألمانيا من أول الدول التي استخدمت شجرة مزينة كرمز يعبر عن عيد الميلاد . وذلك بعد أن قاموا بتزيينها ونصبها في بيوتهم.

إذ يحكي التاريخ وتتناقل الأجيال قصة شجرة الميلاد وبدايات استخدامها في ألمانيا:

شجرة الجنة

يقال في إحدى القصص بأن شجرة الميلاد أصلها هو نفسه أشجار الجنة كما سميت في المسرحيات الغامضة في العصور الوسطى بألمانيا. حيث يمثل أشخاصٌ هذه المسرحيات أمام الكنائس بحضور حشود من الناس عشية الميلاد في تقاويم القديسين.

حيث كان يسمى اليوم الرابع والعشرين من ديسمبر بيوم آدم وحواء، وتمثل شجرة الجنة أو شجرة الفردوس جنة عدن. غالبا ما تكون المسرحيات التي يتم عرضها هي قصص من الكتاب المقدس لا يعرفها الأمييون من لا يستطيعون القراءة.

البداية مع مارتن لوثر

رواية أخرى تشير إلى أن أول استخدام لشجرة ميلاد مزينة في ألمانيا كانت في القرن السادس عشر مع مارتن لوثر المصلح البروتستانتي.

تقول القصة أنه في إحدى أمسيات الشتاء الباردة كان مارتن في طريق العودة لبيته، وهو منشغل البال بإحدى خطبه الدينية التي يقوم بتأليفها.

فجأة لفت نظره مشهد بديع الجمال من النجوم البراقة الساطعة تتخلل أشجار كثيفة خضراء فبدت كما لو زينت رؤوسها هذه النجوم، في مشهد عظيم كأنه رسالة من السماء.

عندما عاد لبيته أخبر عائلته وأطفاله الصغار بما رآه، وقام بتنفيذ الفكرة التي طرأت بباله سريعاً. حيث نصب شجرة وسط غرفة الجلوس وزين فروعها بالشموع.
يقال أنه بعد هذا أصبح تزيين شجرة الميلاد تقليداً عم الكثير من المنازل في ألمانيا.

انتقال شجرة الميلاد لأمريكا

مرَّ تاريخ استخدام شجرة عيد الميلاد في أمريكا بعدد من المراحل قبل أن تصبح تقليداً سنوياً:

اعتبرت عادة وثنية في البداية

حدث ذلك في القرن التاسع عشر بواسطة الألمان المستوطنين في ولاية بنسلفانيا، الذين زينوا منازلهم بشجرة مضاءة. لكن معظم الأمريكين وقتها اعتبرو أن هذه العادة غريبة جداً وهي من الرموز الوثنية، واستمر الحال حتى نهاية أربعينيات القرن التاسع عشر.

صورة العائلة المالكة في بريطانيا

كانت أشجار عيد الميلاد لا تزال تعتبر رموزًا وثنية، وسُنت عقوبة لمن ينتهك حرمة الميلاد بالزينة. لكن هذه الحال مالبثت أن تغيرت بعد تدفق المهاجرين من ألمانيا وإيرلندا بكثرة. وبعد أن انتشرت صورة الملكة فيكتوريا في صحيفة لندن المصورة عام 1846م وهي تقف مع عائلتها(العائلة المالكة الشهيرة) بجانب شجرة عيد الميلاد. سرعان ما أصبح تقليداً في بريطانيا وانتقل أيضا كنوع من الموضة لأمريكا.

في آواخر القرن التاسع عشر

مع حلول تسعينيات القرن التاسع عشر ازدادت شعبية شجرة عيد الميلاد في كل الولايات الأمريكية، ونصب الأمريكيون أشجاراً في منازلهم تصل أرض الغرفة بسقفها.

ثم بدأت أشجار الميلاد تظهر في الساحات والشوارع، كتقليد سنوي أمريكي احتفالاً بأعياد الميلاد.

أول توثيق لاستخدام شجرة الميلاد

تالين وريغا

أول استخدام تم توثيقه لشجرة الميلاد في احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في شمال أوروبا. بالتحديد في مدينتي تالين في إستونيا وريغا في لاتفيا حيث يقول كل منهما بأن أول شجرة ميلاد بدأت عنده، في تالين 1441 وفي ريغا 1510.

حيث توجد في ساحة ريغا عاصمة لاتافيا لوحة نقش عليها “أول شجرة ميلاد في ريغا بتاريخ 1510”.

لا يعرف عن هذه الشجرة شيء وما هي ولكن تشير الدراسات التاريخية أنها قد تكون صارية أو عموداً، أو شمعداناً خشبياً على شكل شجرة، تم اضرام النار فيها ضمن احتفال في ساحة المدينة.
وفي عام 1584 ذكر المؤرخ بالتازار روسو في أحد كتبه عن تقليد سنوي في ريغا يقول روسو: أن العذارى والنساء رافقوا جمعاً من الشباب ثم غنوا جميعهم ورقصوا في ساحة ريغا حول شجرة تنوب مزينة ثم أضرموا النار فيها”.

في ألمانيا

توجد صورة موثقة في ألمانيا عام 1521 هذه الصورة لشجرة معروضة في الشارع يقف خلفها رجل يمتطي حصانا ويرتدي ملابس أسقف.
هنالك سجل لشجرة صغيرة في ألمانيا في مدينة بريمان عام 1570. وصفت الشجرة بأنها مزينة بالمكسرات والتفاح والتمر وزهور صنعت من الورق هذه الشجرة.

أساطير قديمة عن شجرة الميلاد ترويها الجدات

قصة شجرة عيد الميلاد
قصة شجرة الميلاد

الحطاب والصبي الفقير

هذه أسطورة قديمة، من ألمانيا تحكي قصة ظهور شجرة عيد الميلاد تقول الأسطورة:
عشية ليلة الميلاد الباردة جداً، كان أحد الحطابين يجتمع مع عائلته في كوخهم الصغير يلتفون حول نار للتدفئة.

فجأة يطرق أحدهم الباب، يفتحه الحطاب ليجد صبياً صغيراً فقيراً وتائهاً.

رحب به وأدخله الكوخ لتهتم به العائلة فغسلته وأطعمته وأودعته في سرير أبنائها لينام معهم.

في صباح اليوم التالي(صباح الميلاد).
جاءت جوقة من الملائكة لتوقظ العائلة وتحول الصبي التائه الفقير ليسوع المسيح.

ذهب الصبي إلى شجرة تنوب أمام الكوخ وكسر غصناً منها قدمه للعائلة وهو يقول لهم شكراً.

منذ ذلك الوقت بدأ الناس يجلبون شجرة لمنزلهم ويقومون بتزينها كل عيد ميلاد.

حكاية القديس بونيفاس

تقول القصة أن القديس بونيفاس غادر انكلترا في القرن الثامن عشر لألمانيا مبشراً.

هناك صادف مجموعة من الوثنيين الذين تجمهرو حول شجرة بلوط لعبادتها وأمامهم طفل صغير أرادو التضحية به كقربان.

غضب القديس كثيراً، وذهب لشجرة البلوط فقطعها لتنبثق وسط ذهول الجميع شجرة سرو صغيرة من جذور شجرة البلوط.

قام اتباع القديس بعد هذا بتزيين هذه الشجرة بالشموع ليلاً ليتمكن من القيام بعمله التبشيري.

أنواع الأشجار المستخدمة

اختلفت وتنوعت الأشجار التي استخدمت كرمز ودلالة على الميلاد، وارتبط اختلافها تبعاً لاختلاف البلدان والحضارات، ففي مصر القديمة أحب المصريون شجرة الجميز وفي أوروبا شجرة التنوب وفي مناطق أخرى أشجار السرو وغيرها.

هذه أشهر أنواع أشجار الميلاد المستخدمة:

  • الصنوبر
  • التنوب
  • العرعور
  • السرو
  • الكرز
  • الأرز

تاريخ زينة شجرة عيد الميلاد

الفواكه والحلويات

في البداية تم تزيين أشجار الميلاد بفواكه ومأكولات متنوعة كما في أوائل الأشجار في ألمانيا ومنها:

  • التفاح.
  • المكسرات وخبز الزنجبيل.
  • الحلويات.
  • الزهور.
  • الفشار الملون ورقائق ذهبية.

الشموع

في العصر الفيكتوري، كانت زينة شجرة الميلاد هي الشموع الممثلة لنجوم السماء، ولا تزال الشموع تستخدم في كثير من مناطق أوروبا لتزيين الأشجار.
والبعض صنع أهراماً من مكعبات خشبية عوضاً عن الشجرة وزينوها بوضع شموع فوقها.

الزخارف الزجاجية

صنعت زخارف من الزجاج والرصاص في الستينيات والسبعينيات من القرن التاسع عشر. حيث كانت أولى زخارف الزجاج المصنوعة تمثل التفاح.

المصابيح الكهربائية

بعد أن عُرفت الكهرباء(Electricity)، حدثت نقلة نوعية في زينة هذه الأشجار، فقد أصبح من الممكن لها أن تتوهج لأيام متتالية.

حيث اخترعت سلاسل ضوئية لتزين شجرة الميلاد، بعد عام 1880 وذلك عندما وضع توماس أديسون المخترع الشهير في ذلك التاريخ مصابيحاً ضوئية مزيناً بها مكتبه.

واستخدمت بعد هذا الإنارة الكهربائية لزينة الميلاد في المناطق والمنازل التي وصل إليها الكهرباء التي اعتبرت باهظة الكلفة في ذلك الوقت.

في الختام نكون قد أضأنا على أهم النقاط والروايات التي تحكي تاريخ وقصة شجرة عيد الميلاد، وقصة زينة وإضاءة هذه الشجرة داخل المنازل وفي الساحات. احتفالا بميلاد السيد المسيح وببداية تقويم ميلادي جديد.

فمن الرمز الذي استخدمه الإنسان قديماً كدلالة على الحياة والتجدد، لاحتفالات الإنقلاب الشتوي ثم إلى عادة تزيين الأشجار في عهد الملكة فيكتوريا، ونهايةً بإضاءة الأشجار سنوياً في أغلب ساحات العالم.

شجرة مضاءة في بيت دافئ وقوب مطمئنة وأملٌ بحياة وعالمٍ أجمل.